بغداد: حيدر فليح الربيعي
قلّل المستشار المالي لرئيس الوزراء الدكتور مظهر محمد صالح من المخاطر المحتملة "للعجز المالي الافتراضي" في الموازنة العامة، رغم تجاوزه حاجز 64 تريليون دينار، معللاً ذلك باستمرار معدلات بيع البترول فوق السعر المحتسب للبرميل الواحد في الموازنة، والبالغ 70 دولاراً، والاقتراب من منتصف السنة المالية، مشدداً على ضرورة الانضباط العالي في الإنفاق، وعدَّ ذلك ترشيداً مالياً يُحسب ضمن مؤشرات تقييم الأداء والحوكمة الماليَّة.
ورغم التطمينات التي أبداها المستشار الحكومي بشأن تأثيرات العجز في الموازنة والاقتصاد بشكل عام، غير أنَّ خبراء اقتصاد يرون عكس ذلك، إذ أبدى عدد من المختصين تخوفهم من بلوغ العجز قرابة 20%، من الناتج المحلي الإجمالي، مؤكدين أنَّ تلك النسبة تعد مخالفة لقانون الإدارة المالية رقم (6) لسنة 2019 المعدل.
ويعوِّل المختصون بالشأن الاقتصادي على الخطوات التي وصفوها بـ"المهمة" في تنفيذ المنهاج الحكومي، لاسيما تحريك عجلتي الصناعة والزراعة، مؤكدين أنَّ ذلك التوجه بمقدوره تقليل الاعتماد على الإيرادات النفطية في دعم الموازنات، والتخفيف من مخاطر العجز في حال تراجع أسعار البترول عالمياً.
واستند صالح في تطميناته إلى "بلوغ الشهر الخامس من السنة المالية ومتوسطات بيع النفط العراقي ما زالت أعلى من السعر المحدد في مشروع قانون الموازنة العامة الاتحادية للعام الحالي 2023 والسنوات اللاحقة والبالغ 70 دولاراً للبرميل الواحد من النفط المصدر".
وأشار صالح خلال حديثه لـ"الصباح" إلى أنه "ووفقاً لتلك المعطيات، فإنَّ المخاطر المالية المتوقعة في حال حصولها ستكون أخفَّ وطأة على تقديرات العجز الافتراضي لمتوسط السنة المالية 2023، وفي حال حصول تقلبات سعرية بنحو 70 دولاراً للبرميل المصدر من النفط الخام، أو حتى أقل من ذلك السعر، خلال النصف الثاني من السنة المالية الحالية، فعند ذلك تلجأ الموازنة إلى تمويل أجزاء من ذلك العجز عن طريق الاقتراض الداخلي من السوق
المصرفية".
ويرى صالح أنَّ من بين الإجراءات التي يمكن بواسطتها مواجهة العجز المالي في الموازنات العامة، هو الاستمرار في التشديد والانضباط العالي في تعزيز الإيرادات غير النفطية، وعدَّ التحصيل من الأوعية الإيرادية غير النفطية (دون تأخير) أولوية أولى في تقييم عمل مفاصل الدولة المالية، فضلاً عن أهمية تدقيق الصرف من التخصيصات المعتمدة في أبواب الصرف وفرض الانضباط العالي على الإنفاق، وتحديداً الوزارات والجهات الإنفاقية لأو وحدات الصرف، التي ينبغي لها الحرص في الإنفاق، وعدَّ ذلك ترشيداً مالياً مهماً يُحسب ضمن مؤشرات تقييم الأداء والحوكمة المالية العالية الجودة.
وعلى العكس من رأي المستشار الحكومي، لفت الباحث في الشأن الاقتصادي، بسام رعد، خلال حديثه لـ"الصباح" إلى أنَّ "ضخامة العجز المخطط في موازنة 2023 تعد ظاهرة مركبة ومعقدة وهناك شبكة مترابطة من العوامل التي ساهمت في هذا العجز المخطط، وفي مقدمة هذه العوامل تصنيف الاقتصاد العراقي بكونه خدمياً توزيعياً ضعيف الإنتاج بالإضافة إلى التغيرات التي حصلت نتيجة تنامي النفقات
العامة".
وتكمن خطورة هذا العجز، وفقاً للباحث رعد، في مصادر تمويل سدّ فجوة العجز، والتي تم تحديدها عبر الاقتراض الداخلي والخارجي، مؤكداً أنَّ تلك الخطوة يمكن أن تثقل كاهل موازنات الأعوام المقبلة بتسديد الأقساط والفوائد المستحقة لهذه القروض، مبيناً أنَّ السبل الكفيلة للحد من آثار هذا العجز تستدعي البحث عن مصادر أخرى من الإيرادات لسد النفقات المتنامية وتقليص فجوة العجز بالإضافة إلى ترشيد الإنفاق وزيادة الكفاءة الإنتاجية للإنفاق العام.
ولف المتحدث إلى أنَّ "نسبة العجز المخطط في مسودة موازنة العام 2023 تصل إلى (20 %) من الناتج المحلي الإجمالي، وهو مخالف لقانون الإدارة المالية رقم (6) لسنة 2019 المعدل (المادة 4 الفقرة/ رابعاً) التي تنص على "لا يجوز أن يزيد العجز المخطط في الموازنة التخطيطية على
(3 %) من الناتج المحلي الإجمالي" على حد قول الباحث الاقتصادي، الذي أشار أيضاً إلى أنَّ "العجز في الموازنة العامة يُعدّ أحد العوامل التي تحدد القدرات الاقتصادية للعراق في التصنيف الائتماني، فكلما ارتفعت نسبة العجز في الموازنة أثر ذلك بشكل سلبي في التصنيف الائتماني للبلد".