التنمية في مسرح الشباب العراقي

ثقافة 2019/04/20
...

د. بشار عليوي
إنَّ المسرح هو الحياة عطفًا على وظيفتهِ الأساسية المُتمثّلة بالتنوير والتهذيب والتثاقف، فوظيفة المسرح عمومًا لا تصبح لها أية قيمة إلّا حينما يُحقق فعل المُغايرة عمّا يألفهُ الجمهور، وأذواقه وحاجاته وهي في الغالب جماعية، إذ يُمكن اعتبار المسرح فنًا مدينيًا في أساسه الأنطولوجي وشكلاً يتمثل التجربة الحياتية للمجموعات البشرية، وما يتخلّق فيها من علاقات إنسانية تؤسس لمفهوم المواطنة بوصفها ما يجمع بين الناس رغمَ اختلافاتهم، فالمسرح شكلاً فنيًا للتبادل داخل المجموعات البشرية وقناة للتفكير في المشترك بين الناس داخل حدود تجربة الحياة اليومية, وهذهِ إحدى تمظهرات مسرح الشباب، فتقبل الشباب للممارسة المسرحية، يعملان على زيادة توجيههم ثقافيًا من خلال اشتراكهم في العرض المسرحي، ويتحقق هذا عبرَ ربط الحالة الثقافية العامة بالهوية الوطنية التي ينتمي اليها الشاب إنسانيًا خُصوصًا وهذهِ حقيقة واضحة للجميع، بأنه ومع سيادة الميديولوجيا في عصرنا الحالي، أصبح الشباب يبدلون القراءة بالنص السمعي المرئي بعدما أصبحوا يجدونَ في وسائط التواصل الاجتماعي كالفيسبوك وتويتر وانستغرام فضلاً عن مُتابعة مباريات كرة القدم العالمية، الأداء الأمثل لتلبية حاجاتهم
 اليومية.
أزعم أنَ التوجهُ نحو الشباب العراقي بكافة الأنشطة الاجتماعية والثقافية على اختلافها, هوَ الأكثر جدوى وفائدة إذا ما كُنّا بالفعل عازمين على “الاستثمار الثقافي” في أفضل حالاتهِ لناحية مُخرجات هذا الاستثمار اللامادي, فكيفَ الحال ونحنُ نتوجهُ للشباب عبرَ المُمارسة المسرحية المبنية على أُسس مُمنهجة تعي تماماً أهمية رأس مال التطوير المُجتمعي المُتمثّل بالشباب العراقي بوصفهم قادة المُجتمع العراقي المُستقبليين, فنحنُ ننحازَ وبكلِ قوة الى العروض المسرحية الشبابية العراقية, وننحاز أكثر لجميع الجهود النبيلة الرامية للنهوض أصلاً بمسرح الشباب العراقي.
لقد أخذت التنمية تأخذ عدة صور منها ما يكون اقتصاديا, ومنها ما يكون ثقافيا تنويريا عبرَ المُمارسة المسرحية من قبل الشباب, فالتنمية ليست حَكراً على القطاعات المادية المعروفة في المُجتمع, وإنّما أصبحَ للثقافة ومنها المسرح, الحضور الطاغي في الحصول على مُخرجات تلك التنمية المُجتمعية, ولعلَّ مسرح الشباب واحد من أهم تمثلات علاقة المسرح بالتنمية. 
لذا يعد المسرح, ذا تأثير كبير وواضح على شخصية الشاب لناحية النمو المعرفي عموماً, فأهمية المُمارسة المسرحية في بلورة شخصية الشاب تتجسّد في ان الشاب حينما يُمثل, يتخيّل ويتحسّس ويبتكر ويرتجل, إذ يساعد مسرح الشباب, على التكيّف الاجتماعي والتمكّن من فن العيش في الحياة.
تكمن أهمية المُمارسة المسرحية من قبل الشباب، في كونها تُحقق الوظيفة الأساسية لمسرح الشباب العراقي ووفقاً لما يلي:
 
1. يعمل مسرح الشباب في العراق على إثراء شخصيات الشباب من خلال مشاركتهم وتفاعلهم مع العروض المسرحية عقليًا وعاطفياً.
2. يُنمي مسرح الشباب لدى الشباب، المشاعر الأخلاقية تجاه الإنسانية.
3. يساعد المسرح الشبابي في الإعداد الثقافي والعلمي للشباب ليستطيعوا مواجهة الواقع والتأقلم مع الواقع فهو وسيلة لتجميع الأحداث.
4. تؤكد رسالة المسرح الشبابي على أن الفنون وخاصة فن المسرح قد أصبحت تحتل جزءًا حيويًا من حياة الشباب.
5. يعمل المسرح الشبابي على غرس العادات والتقاليد الحاضرة وتطور الأحكام الأخلاقية المتطلبة لحاجات المستقبل، إذ يعد أداة تنويرية للانجاز من خلال إحداث التغيرات في المجتمع، لأنّ الشباب هو من سيعمل على إحداث تلكَ التغيرات مُستقبلاً.
6. يعمل على تحصين الشباب ويحميهِم من الوقوع في تبني الفكر الإرهابي بشتى أنواعهِ وأشكالهِ. 
7. خلق وبناء وصنع جيل ذي توجه ايجابي بغية خدمة المجتمع كَكُل.
8. استثمار أمثل لطاقات الشباب بغية التفاعل الإيجابي مع المجتمع والاقبال على الحياة.
9. يُحفز المسرح الشبابي ويُنمي حب الوطن لدى الشباب، عبرَ المُشاركة في عروضهِ.
إن المسرح الشبابي, تُمارسهُ فئة الشباب وهوَ وسيلة حضارية ذات تأثير مُهم في خلق الوعي المُتقدم لديهم, وهوَ نشاط مسرحي ذو طابع تنويري يعتمد على توظيف تقنيات وعناصر فن المسرح لطرح عدد من المواقف والخبرات الحياتية والنماذج الإنسانية للشباب.
  ووفقًا لما تقدم فإنّ أهداف مسرح الشباب تتجسّد, في تنمية قدرتهم على التواصل الحضاري مع الآخرين لأنّ المسرح قائم على الحوار وبذلك يُمكنهُ من الصياغة الأدبية للتجربة الإنسانية وكذلك التعرف على الحياة والطبائع البشرية، والصراعات الانسانية المختلفة، مما يؤهله لحياة أكثر نضجًا ويُهيئه لمجتمع واسع ومعقد, فضلاً عن تنمية إحساس الشباب بمشكلات المجتمع الثقافية والاقتصادية وإعداده للإسهام في حلها.