الحنجرة العميقة إيلي الشويري

ثقافة 2023/05/10
...

يقظان التقي



غيبّ الموت الفنان  اللبناني الكبير إيلي شويري، من الرعيل الثاني في الساحة الموسيقية والغنائية وفي المسرح الغنائي ،كان نجماً كبيراً في مكانته الفنية العالية, من أ صحاب الامتياز في حضوره  إلى جانب الفنانين الكبار . صوت استثنائي ، حنجرة عميقة برجع الصدى ، والأجراس الموسيقية والحساسة في اللحن والمدى، والخطاب الفني الوطني .  

رحل الموسيقار الفنان إيلي شويري من مواليد بيروت ، سنة 1939، ولد في العصر الذهبي الفني، جيل الفنانين الكبار محمد عبدالوهاب وفريد الأطرش ، أم كلثوم ورياض السنباطي وعبدالحليم حافظ وكارم محمود ومحمد عبدالمطلب وفايزة أحمد ممن رسموا أيقونة الأغنية العربية ، زمن الحنين ، الذي بدأ في القرن الماضي، وزمن الموسيقى الحقيقي والأصيل ، زمن الثورة في الغناء والتلحين ، وقد أكمل رسالته  بجهود كبيرة، وإن عانى في سنواته الأخيرة  تراجعاً في صحته  .

بدات رحلته بالتحديد في الإذاعة الكويتية عام 1960، جمعته الصدفة يومها بالملحن الكويتي الراحل عوض الدوخي الذي راح يشجعه على تعلُّم العزف على العود مع زميله مرسي الحريري، وهو ملحن مصري كفيف..

في منتصف عام 1962 وصلت إلى الكويت فرقة «الأنوار» اللبنانية ضمن جولة فنية كانت تقوم بها، وكانت تتألف من عدة مطربين لبنانيين بينهم وديع الصافي وسعاد الهاشم وزكي ناصيف وتوفيق الباشا، ومنذ تلك اللحظة ، استيقظ الحنين في نفس الفنان إيلي شويري وقرر العودة إلى بلاده ، عضواً في فرقة كورال تضمه إلى شمعة ونقولا الديك. فكان من ضمن الفريق المرافق لعدد من الفنانين بينهم فهد بلان ونزهة يونس.أما المرحلة الأهم في انطلاقة الفنان شويري فكانت مع الأخوين رحباني. شارك شويري مع الرحابنة في 25 عملاً مسرحياً ، منها : “الشخص” ، ” فخر الدين” ،”الليل والقنديل” ،”صح النوم” ، “دواليب الهوا” ، وفيلم “بياع الخواتم”.. ـ لم يكتف الفنان إيلي شويري بوقوفه إلى جانب الكبار، فأطلق العنان لأعماله ، حيث كتب “بلدي” و”أنت وأنا يا ليل” ، من شعره وألحانه وغناء وديع الصافي. كما غنت له الفنانة القديرة صباح ، وسميرة توفيق ، وماجدة الرومي ، ومنذ بداياته الفنية ترجم شويري عشقه لبلده بالأناشيد، التي صارت على كل لسان إبان الحرب الأهلية التي دارت بين عامي 1975 و1990، ومنها «بكتب اسمك يا بلادي»، التي ألَّفها ولحَّنها عام 1973، وغناها أول مرة المطرب اللبناني جوزف عازار، ومن ثم ترددت على لسان العديد من الفنانين العرب، ومنهم الممثل السوري دريد لحام.. ومن أبرز أغنياته: «صف العسكر» و«يا أهل الأرض» بصوته، وأغنية «تعلا وتتعمر يا دار» التي غنتها الراحلة صباح ، وكتب أشهر أغاني وديع الصافي، مثل: “زرعنا تلالك يا بلادي “ “ بلدي، أنت وأنا يا ليل”، “من يوم من يومين”،” يا بحر يا دوار”. غنت ماجدة الرومي من ألحانه «سقط القناع» و«مين النا غيرك» و«ما زال العمر حرامي»، وتنافست كل من صباح وسميرة توفيق على أداء أغنية «أيام اللولو»، التي أثارت في حينها نزاعاً . .وكان أوجد واهتم وحقق شهرة أكثر من فنان وفنانة ، منهم :الفنانة داليدا رحمة ، فكتب لها مسرحية “قاووش الأفراح” ، وغنت له الأغنية الشهيرة “يا بلح زغلولي”. وكذلك غنت له ماجدة الرومي “سقط القناع” و”مين النا غيرك” و”ما زال العمر حرامي” . كذلك تنافست كل من صباح وسميرة توفيق على اداء أغنية “أيام اللولو” التي أثارت ضجة في عالم الغناء . ووضع  الحاناً لمطربين آخرين ، بتلك الحساسية الفنية  من داخل العمل والنتاج ، وليس من خارجه ، ولم تأت أعماله برَّانية ، أو استعراضية ، بقدر ما أسهمت  في الإنجازات الإبداعية . لم يكن مجرد فنان  ، لم يغادر  ساحة الاحتجاج  والنقد لأوضاع البلاد ، وقدم فيها موجة متجددة من الأغاني الوطنية  والحماسية الدرامية ، من زمن الشغف، والالتزام والتجديد.