الأسواق الناشئة تعيش فترة هدوء

اقتصادية 2019/04/20
...

عواصم / وكالات
يبدو أن اقتصادات الأسواق الناشئة دخلت في “فترة هدوء” مؤخراً، لكن هل هناك مخاطر محتملة بالنسبة للاقتصادات الناشئة؟.
يطرح أستاذ الاقتصاد في جامعة كاليفورنيا باري أيشنغرين هذا التساؤل في رؤية تحليلية نشرها موقع “بروجيكيت سينديكيت”.
وكانت التدفقات الرأسمالية الداخلة لمثل هذه الاقتصادات قد انخفضت خلال النصف الثاني من العام الماضي مع قيام بنك الاحتياطي الفيدرالي برفع معدل الفائدة خلال خمسة فصول متتالية، كما قلص ميزانيته العمومية.
 
دعم الأسواق الناشئة
لكن في كانون الثاني الماضي، أعلن الفيدرالي وقف عملية رفع الفائدة مع إمكانية استمرار هذا التوقف لفترة طويلة، حيث يشير حالياً المخطط النقطي (دوت بلوت) لأعضاء اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة إلى عدم وجود زيادة بمعدل الفائدة خلال الفترة المتبقية من هذا العام.
وعلاوة على ذلك، فإن الفيدرالي أشار إلى أن التشديد الكمي، وهي عملية السماح لسندات الخزانة والأوراق المالية المدعومة بالرهن العقاري بالتحرك داخل ميزانيته العمومية سوف تستمر حتى أيلول المقبل فقط.
ويعني ذلك فترة من الراحة بالنسبة للاقتصادات الناشئة والتي تمثلت في استئناف التدفقات الرأسمالية الداخلة.
ويبدو تكرار ما حدث في النصف الثاني من العام الماضي، أمراً غير مرجح في الوقت الراهن، إضافة إلى ذلك، فإن هناك تعافياً في الاقتصاد الصيني، كما أن الأسواق الناشئة الأخرى ذات الصلة بالصين عبر سلاسل التوريد العالمية وصادرات المواد الخام، مثقلة بشدة بديون الرافعة المالية التي تدعم نموها الاقتصادي.
وبالتالي، كان لديهم مبرر للقلق عندما انكمش النشاط الصناعي في الصين خلال شباط الماضي للشهر الثالث على التوالي، وتراجع حجم الصادرات الصينية كما انخفضت مبيعات السيارات.
لكن حالياً نعلم أن هذا التشاؤم كان مبالغاً فيه، حيث تعافى النشاط الصناعي في الصين خلال آذار بدعم الإجراءات التي تم اتخاذها من قبل السلطات الصينية.
كما أن صانعي السياسات يعتمدون أكثر على التحفيز المالي وبدرجة أقل على توفير السيولة من أجل تعويض ضعف الطلب.
 
انخفاض الدين الحكومي
ولا يزال الدين الحكومي منخفضاً وفقاً لمعايير الأسواق الناشئة، والأهم من ذلك أن الفرق بين معدل الفائدة ومعدل النمو، والذي يشكل ديناميكيات الديون، أقل من أيّ مكان آخر في العالم فعلياً.
وبناءً على ذلك، فإن الحكومة المركزية كانت قادرة على رفع حد الإعفاء الضريبي على الدخل وعلى إضافة خفض ضريبي على رعاية الآباء كبار السن.
كما كان أمام تلك الحكومة المجال لخفض الضرائب على الشركات الصغيرة كما يمكنها خفض ضريبة القيمة المضافة وإنفاق ما يصل إلى 1.5 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي على السكك الحديدية والطرق ومشاريع أخرى، كما هو معلن في آذار.
ومن غير شك، فإن أعباء ديون الشركات الصينية كبيرة، كما لا يزال من المتوقع أن ينمو إجمالي التمويل الاجتماعي بنسبة 10 بالمئة خلال العام الحالي، وهو ما يمثل وتيرة ارتفاع أسرع من الناتج المحلي الإجمالي الاسمي.
وغالبية هذه السيولة الجديدة موجهة إلى الشركات غير الفعالة نسبياً المملوكة للدولة والمثقلة بالقروض المتعثرة.
 
الصين تراقب اقتصادها
ومع ذلك، تقوم الصين بإبقاء اقتصادها تحت الرقابة بدرجة كافية، بحيث يمكن للسلطات أن تخفف من التباطؤ الاقتصادي، كما يشير تعافي القطاع الصناعي في الشهر الماضي.
وربما تأتي فترة الهدوء كذلك على جانب التعريفات، فربما عزز الرئيس الأميركي دونالد ترامب خطابه ضد الصين بناءً على طلب من ممثله التجاري روبرت لايتهايرز، الذي يرى التهديدات كأمر ضروري من أجل الحصول على تنازلات من قبل الحكومة الصينية بشأن الملكية الفكرية ونقل التكنولوجيا.
كما أن هناك خطر فرض رسوم إضافية من جانب الولايات المتحدة على السلع والدول الأخرى مثل السيارات المصنعة في أوروبا والمكسيك.
جميع الإشارات الآن متاحة فيما يتعلق باتفاقية مماثلة وشيكة الحدوث مع الصين، وفي الوقت نفسه، فإن ترامب لم يتخل عن تهديد التعريفات الجمركية بشكل تام.
وتُعد النزاعات التجارية بمثابة ضوضاء خلفية مفيدة تعمل على تحويل الانتباه بعيداً عن الأزمات السياسية المستمرة، كما تجعل الأمر يبدو وكأن الإدارة الأميركية تقوم بفعل شيء يتعلق بمسألة النمو الاقتصادي الأميركي الآخذ في التباطؤ.
ونتيجة لذلك، فإن تهديدات ترامب بشأن التعريفات الجمركية سوف تستمر في تعكير صفو الأسواق العالمية، لكنها لن تتحول إلى حرب تعريفات كاملة وانهيار كامل للنظام متعدد الأطراف.
 
خطر الركود الأميركي 
ولكن لا يزال هناك خطر كبير وجاد على الأسواق الناشئة: الركود الاقتصادي للولايات المتحدة. ويشير انعكاس منحنى العائد في أواخر الشهر الماضي إلى أن المستثمرين يأخذون احتمال حدوث ركود للاقتصاد الأميركي على محمل الجد.
ويعتقد بعض الحكماء في مؤسسات مثل “جي.بي.مورجان”، والذين قضوا حياتهم في توقع مثل هذه الأحداث، بأن هناك فرصة كبيرة لحدوث الركود في العام الحالي أو المقبل.
وفي حالة حدوث ركود اقتصادي، فإنه سيكون حاداً بسبب أنه سيكون هناك عدد قليل نسبياً من صناع السياسة الأميركية الذين يمكنهم القيام بشيء حيال هذا الأمر.
ولا تزال معدلات الفائدة الأميركية منخفضة ما يمنح الفيدرالي مجالاً محدوداً ليقوم بخفض الفائدة ودعم الاقتصاد، وبسبب ان عجز الموازنة قد ارتفع بالفعل، فإنه سيكون هناك شهية أقل بالنسبة للتحفيز المالي.
وعلاوة على ذلك، فإن من شأن الركود الاقتصادي بالولايات المتحدة أن يتفاعل مع المخاطر الأخرى.
وفي هذه الحالة، فإن الصين ستجد صعوبة أكبر في تجاوز مشكلة ديون الشركات، وهو الأمر الذي من شأنه أن يضعف المحرك الرئيس للنمو الاقتصادي العالمي.
ولهذا السبب، فإن فترة الهدوء الأخيرة لاقتصادات الأسواق الناشئة قد تكون قصيرة الاجل. وبالنظر إلى حالات عدم اليقين حيال السياسة النقدية الأميركية وآفاق النمو الاقتصادي الصيني، فإنه من السابق لأوانه استنتاج أن تلك الدول تجاوزت 
مرحلة الخطر.