حمزة مصطفى
لماذا لا تتجاوز إنتاجية الموظف العراقي 18 دقيقة في اليوم؟ وبالرغم مما يبدو الأمر مبالغا فيه لكن ما يقال هو الأقرب إلى الدقة بنسبة عالية جدا.
بالتأكيد ثمة تفاوت بين دائرة ودائرة, وبين موظف وموظف, لكن في الإطار العام لدينا مشكلة في هذه الإنتاجية.
الإنصاف يقتضي ألا نعلق الأسباب على الموظفين فقط.
هناك ماهو خارج عن إرادتهم لكنه لايعفي من المسؤولية في النهاية.
الأسباب خلف تدني الإنتاجية لا تعود إلى عدم كفاءة أو لا أبالية موظفي الدولة العراقية فقط.
من بين أهم الأسباب هي ترهل الجهاز الإداري.
فوجود نحو 5 ملايين موظف في دولة عدد سكانها 42 مليون أمر غير منطقي أبدا.
هذا الرقم الهائل من الموظفين لايعني سوى المزيد من البطالة المقنعة وغير المقنعة.
يعني بطالة عينك عينك.
وبحساب عرب بسيط فإن وجود هذا العدد المليوني من الموظفين على عدد ساعات الدوام مضروبة بالإنتاجية في ظل عدم تشغيل الآف المصانع والمعامل، سوف ينعكس على عدد ساعات الدوام من حيث الإنتاجية وهو ما يعني انخفاضها فعلا لا تندرا.
زحامات الطرق سبب آخر لأنه يحول دون قدرة الموظفين على الوصول إلى دوائرهم في الوقت المناسب.
فكثرة السيارات والافتقار إلى شبكة طرق صحيحة من شأنه أن ينعكس ليس على ساعات العمل، بل على إنتاجية العاملين في الجاهزين الحكومي والخاص.
مما ضاعف من المشكلة عدم وجود حلول حقيقية طوال السنوات العشرين الماضية.
فبغداد العاصمة تضخمت كثيرا سكانيا وإداريا، بينما لا تزال البنية التحتية للطرق والجسو على حالها منذ أكثر من 5 عقود من الزمن.
بعض الدول وجدت حلا لأزمة الجهاز الإداري حين تتضخم العاصمة ولم يعد بمقدورها استيعاب السكان ودوائر الدولة.
مصر فعلت ذلك حيث تبني الآن عاصمة إدارية, وقبلها ماليزيا التي بنت عاصمة إدارية كاملة نقلت اليها وزارات الدولة وموظفيها.
رئيس الوزراء المالي السابق مهاتير محمد (عمره طخ المائة عام الآن) يقول في مذكراته "طبيب في رئاسة الوزراء" وكذلك عبر شهادته على العصر مع أحمد منصور في قناة "الجزيرة" إن بعض موظفي الوزارات تبعد وزاراتهم عن بيوتهم بضعة أمتار.
إذا قارنا وضعنا بوضعهم فإن بعض موظفينا يأتي إلى دائرته من الحلة أو بعقوبة وإذا "كلش كلش" يأتي من بسماية إلى دائرة في أقصى غرب بغداد, ربما بالقرب من أبي غريب أو خان ضاري لان دائرته هناك.
أي إنتاجية يمكن أن تبقى في البال أوالخاطر.
لذلك فإنه بالقدر الذي بات جهازنا الإداري يحتاج إلى "جرخلة" حقيقية وهو مايقوم به رئيس الوزراء محمد شياع السوداني على صعيد إعادة التقييم الذي هو مقدمة لرفع نسبة الإنتاجية, فإن الأمر لا يزال بحاجة إلى وضع حلول للبنى التحتية المتهالكة، التي لا تزال تعيق أي تقدم في أي ميدان من ميادين العمل.