مؤتمر بغداد الدولي الثالث للمياه

آراء 2023/05/15
...

   د. حميد طارش                   

المؤتمرات الدولية هي أضعف صور التعاون الدولي في حل المشكلات، باعتبار توصياتها غير ملزمة للدول الأطراف، فضلا عن كونها تنتهي، في الاغلب، بانتهاء مدة انعقادها، باستثناء المؤتمرات التي أسست لعقد اتفاقيات دولية ملزمة بشأن موضوع انعقادها، أو المؤتمرات التي أنشأت منظمات دولية تعنى بمعالجة مشكلة دولية، أي بمعنى آخر، المؤتمرات الناجحة، هي فقط التي تعالج أزمة موضوعها بعقد اتفاقية دولية أو إنشاء منظمة دولية.


 بالتأكيد المسألة ليست سهلة، وتعترضها صعوبات بالغة، إلّا إن أساس تلك الصعوبات يتعلق بالمصالح العامة للدول، فالرغبة بالمحافظة على تلك المصالح وأدامتها كفيلة، إلى حد ما، بمراعاة تسوية الأزمة، وهنا يأتي دور المؤتمر بإلقاء الضوء على تلك المصالح وأن المحافظة عليها تتطلب مراعاة مصالح الدول الأخرى وخلق التناسب والتوازن بينها، ونحن نعلم جيداً تشابك مصالح الدول المتشاطئة، تركيا وايران وسوريا والعراق، من حيث المصالح الأمنية والاقتصادية والاجتماعية والسياسية، بل ويتعدى الأمر إلى مصلحة دول الإقليم الأخرى بتفادي أية نزاعات وخلافات وخلق بيئة أقليمية مستقرة آمنة، وكذا الامر بالنسبة لمنظمة الأمم المتحدة، التي تُعنى بحفظ الامن والسلم الدوليين، وكذلك دول العالم الأخرى التي باتت تتأثر بأي نزاع في العالم، ولعل هذا ما يفسر دعوة رئيس مجلس الوزراء إلى التدخل الدولي العاجل لإنقاذ نهري دجلة والفرات في العراق.

 يجب على المؤتمر أن يبحث المسائل التي تكون مفتاحاً لحل الأزمة، ويمكن أن تشكل بنوداً في اتفاقية ملزمة، 

والأفضل تشكيل لجنة من ممثلي الدول المتشاطئة مدعومة بخبراء محليين ودوليين محايدين، لدراسة الاضرار وتبني معيار تقاسم الضرر، وإمكانية تقديم الدعم الفني والمالي للعراق في مسألة تحلية ماء البحر واستغلال المياه الجوفية وبناء السدود في الأماكن المناسبة لحفظ الموارد المائية وترشيد استهلاك المياه واعتماد وسائل الري المقننة للمزروعات ودراسة مدى التحول إلى زراعة المحاصيل، التي لا تحتاج لكميات كبيرة من المياه، وغالباً ما احتج ببعض تلك المسائل على 

العراق.

 كما يجب على المؤتمر تشكيل لجنة مشتركة لممثلي الحكومات والقطاع الخاص والمستثمرين بغية دراسة وتشجيع الاستثمار في المياه، إذ يبقى الماء أهم سلعة استهلاكية لكن يجب انتاجها وتقديمها بأسعار مدعومة من قبل الحكومة والمانحين، فضلا عن المستثمرين مقابل التسهيلات التي يتلقونها من الحكومة.