قيادات الجيش السوداني تتنافس بعد الانقلاب

بانوراما 2019/04/21
...

عدد من محرري مجلة فورن بوليسي ترجمة: خالد قاسم
 
حكم عمر البشير السودان لمدة 30 سنة، أما خلفه وزير الدفاع أحمد عوض بن عوف فحكمها لنحو 30 ساعة. استقال ابن عوف من منصبه رئيساً للمجلس العسكري السوداني بعد يوم واحد فقط من قيادته انقلاباً عسكرياً ضد البشير. لم يفسر ابن عوف أسباب استقالته لكنه اختار فوراً ضابطاً آخر، هوعبد الفتاح البرهان عبد الرحمن، بديلاً له.
مثّل الاعلان أحدث حلقة بدراما الوضع السياسي هناك، حيث يحتج المتظاهرون منذ أشهر مطالبين باصلاحات اقتصادية وسياسية. والاستقالة الأخيرة اشارة الى أن الفوضى السودانية لم تنته بعد.
جدد تجمع المهنيين السودانيين، وهو المجموعة التي قادت الاحتجاجات، مطالباته بانتقال سياسي مدني ودعا المواطنين للاستمرار باعتصامهم أمام مقر الجيش. أما المجلس العسكري الذي استولى على السلطة بعد اطاحته بالبشير فقال انه سيقود حكومة انتقالية لمدة عامين وقد تنتهي قبل ذلك الموعد اذا توفرت الشروط السياسية المناسبة.
يقول بعض المحللين ان استقالة ابن عوف ربما تظهر أن جماعات داخل قوات الأمن السودانية لا تزال تتنافس على الحكم خلف الكواليس، وأشاروا الى جماعتين تحديداً. تشمل الأولى قادة عسكريين على صلة بمصر والسعودية والامارات العربية المتحدة، ومنهم ابن عوف ورئيس المخابرات المستقيل صلاح قوش. وتحظى الجماعة الثانية بدعم قطر وتركيا اللتين تدفعان لكسب نفوذ أكبر في السودان امتداداً للتنافس الاقليمي مع دول الخليج الأخرى.
يقول الدبلوماسي الأميركي السابق بايتون نوف ان على الولايات المتحدة الاهتمام بعدم تصدير التنافسات الاقليمية الى السودان، “السيناريو الكابوس هو تدخل المعسكرات المختلفة في الشرق الأوسط بالوضع السوداني. لن تذهب أميركا باتجاه حل هذا الوضع بمفردها، لكنها قد تقود اجماعاً دولياً لصالح انتقال مدني.”
 
تحايل سياسي
أجرى البشير طيلة أشهر قبل اقالته محادثات مع القطريين والسعوديين طالباً مساعدات اقتصادية اضافية، محاولاً التلاعب بالطرفين لتحقيق مصالحه كما تذكر ويلو بيريدج أستاذة جامعة نيوكاسل. وأضافت ان قادة الجيش المسيطرين على السودان قد “يجربون ممارسة اللعبة نفسها.”
دعا مسؤولون أميركيون في واشنطن الى انتقال ديمقراطي للسلطة لكنهم امتنعوا حتى الآن عن أداء دور ريادي بالتوسط لحل الأزمة. وكانت لادارة ترامب محادثات مع حكومة البشير قبل الاطاحة به بشأن رفع السودان من القائمة الأميركية للدول الراعية للارهاب مقابل تقدم بمجال حقوق الانسان وتعاون في مكافحة الارهاب. 
أوقفت الخارجية الأميركية المحادثات بعد الانقلاب، لكن متحدثاً باسمها أشار الى دراسة بلاده اعادة فتح المحادثات تحت ظروف مناسبة. تقدم التغيرات المفاجئة في السودان المعضلة نفسها التي واجهها منظمو الاحتجاجات منذ عشرات السنين: كيف يفككون عصبة قادة الجيش الحاكمة للبلاد؟ ينقسم الناشطون بشأن كيفية انجاز الانتقال الى الديمقراطية.
تقول سارة عبد الجليل، متحدثة باسم تجمع المهنيين، ان المجتمع الدولي عليه الاهتمام بمنع حدوث مذبحة في السودان. وشهدت البلاد أواخر 2013 مقتل نحو 200 شخص شاركوا بتظاهرات على أيدي قوات الحكومة. وأكدت سارة عدم تدخل أي جيش أجنبي بالتغيير السلمي السوداني.
لكن جماعات مجتمع مدني أخرى تطالب بدعم دولي أقوى لتحييد الجيش وتنصيب حكومة انتقالية مدنية في السودان. وذكرت تلك الجماعات برسالة دعوتها الاتحاد الأفريقي ومجلس الأمن الدولي للبدء بالتدخل عبر حملة منسقة داخلياً وخارجياً للتأثير في المجلس العسكري الجديد.
من جانبه أصدر الاتحاد الأفريقي بياناً قال فيه ان سيطرة الجيش على الحكم ليست الرد المناسب. أما بريت كارتر الخبير بالشأن الأفريقي في جامعة كاليفورنيا الجنوبية فقال ان معظم القادة الأفريقيين لم تكن علاقتهم ودية مع نظام البشير. وفي الوقت نفسه لا يرغبون بفعل أي شيء يشجع محتجين آخرين يستلهمون الانتفاض من أحداث الجزائر والسودان.