ما بعد الموازنة

آراء 2023/05/16
...

 علي الخفاجي


حددَ ائتلاف إدارة الدولة 17 آيار الحالي موعداً أولياً للتصويت على الموازنة، بعد الأخذ بكل الملاحظات وإعادة صياغتها بما يتفق مع البرنامج الحكومي، جاء ذلك في الاجتماع الدوري، الذي عقد برئاسة رئيس تيار الحكمة السيد عمار الحكيم وحضور رئيسي الوزراء محمد شياع السوداني ومجلس النواب محمد الحلبوسي.

في السنوات الماضية ومع قرب الإعلان عن أي موازنة يكثر الحديث عن مقدار العجز المالي الذي يصاحب هذه الموازنات، وإذا ما تم الحديث عن موازنة 2021 قَـدر العجز بـ 19.8 مليار دولار مقابل 23.1 مليار دولار في العام 2019، بينما ونتيجة للخلافات السياسية والتقاطعات داخل مجلس النواب لم تقر موازنة 2020 ماخلفت الكثير من التعقيدات وبالتالي ازدادت معدلات الفقر، وبحسب تقرير البنك الدولي الصادر سنة 2020، فإن 40 % من السكان هم تحت خط الفقر، وفي الوقت ذاته خسر الدينار العراقي 25 % من قيمته السوقية، التذبذب بأسعار النفط العالمية جعل من الموازنات السابقة تتأرجح كثيراً من حيث مبالغ الموازنات، خصوصاً على الدول الريعية التي تعتمد على النفط كمصدر رئيسي، وجعل هذه الدول تقع في دوامة كبيرة في حال إنخفاض سعر برميل النفط أو تقليل معدلات إنتاج النفط حسب تعليمات منظمة أوبك.

التأخير في موعد إقرار الموازنة والذي هو نتيجة الخلافات السياسية، ينتج عنه كثيراً من المساوئ، وبالتالي تأخير في تنفيذ المشاريع، الأمر الذي يدعو إلى وضع حد لهذه الظاهرة، فالحكومة الحالية ومنذ تشكيلها لمحت وبأكثر من مناسبة إلى وضع خطط ستراتيجية بعيدة المدى للمشاريع، سعياً منها لتجاوز البيروقراطية المملة، التي باتت الثيمة الرئيسة للوضع الحالي فليس لها سوى المضي بالاجراءات الصارمة وأن تفعل هذه المشاريع من أجل ديمومة الحياة الاقتصادية، فخطة الإصلاح الاقتصادي التي طالما نادت بها الحكومات السابقة، والتي لم تـرَ النور لأسباب عدة، هدفها السعي لتنويع الإيرادات، وتعتبر حلاً لأزمة إدارة الاقتصاد المزمنة، التي تتمثل بالاعتماد على النفط كمصدر وحيد للبلد، الشيء المهم وبعد أن تقر الموازنة هو إطلاق أكبر عدد ممكن من المشاريع الحيوية التي من شأنها النهوض بواقع البلد، وبالتالي تشغيل الأيدي العاملة، ما يعني السير بالاتجاه الصحيح نحو التنمية وتنويع مصادر الدخل دون الاعتماد على النفط كمصدر وحيد، وعلى غرار كثير من البلدان، التي عملت على إنشاء حلولٍ لواقعها المالي، فإن الدعوة لإنشاء صندوق سيادي أو صندوق مالي برعاية حكومية بات ضرورة ملّحة، لمعالجة الأزمات المالية الخانقة والمضي قدماً بالبلاد إلى بر الأمان.