أحاديث الموازنة المتعثر إقرارها

آراء 2023/05/17
...

 عبد الحليم الرهيمي

 فضلا عن اهتمام الإعلام بموضوع الموازنة وتعثر إقرارها في البرلمان، هناك جهتان رئيستان مهتمتان بالنقاش حولها، وبالتعديلات الجارية عليها، وبالواقع المتعثر لإقرارها في البرلمان. الجهة الاولى يعبر عنها الرأي العام الشعبي، الذي يتابع المناقشات حولها وينتظر الاسراع في أقرارها مراهناً على أنجاز ماتضمنته من مشاريع وانجازات وأعمال، التي ربما تحسن من الحالة المعيشية والاجتماعية والصحية للمواطن، 

اما الجهة الثانية المهتمة بأمر هذه الموازنة، فتشمل البرلمان وكتله وأحزابه السياسية داخل البرلمان  وخارجه، وكذلك اعضاء البرلمان المنتمون لمختلف المحافظات، فضلاً عن الاقتصاديين والمعنيين بتطورات الوضع الاقتصادي في البلاد.

وبينما لا تتعدى رغبة المواطنين الإسراع بإقرارها والتطلع لتنفيذ ما نتحدث به من مشاريع وخطط وانجازات تمس مصالحهم، تحتدم النقاشات والصراعات بين الكتل والاحزاب ونواب مجالس المحافظات ونواب إقليم كردستان، حول العديد من بنود وفقرات الموازنة وحول التخصيصات المالية، التي حددتها لكل جهة، والاعتراض على ما حددته الحكومة والجهة التي أعدت الميزانية، وأن كلًا، ولا أقول معظم تلك الاعتراضات ركزت وتركز على زيادة التخصيصات المحددة والمقررة لها، وقد لجأ بعض هذه الجهات إلى ممارسة الضغوط أو حتى الابتزاز على أطراف أخرى معترضة لتحقيق الزيادة في حصتها المقررة وبالطبع، أدت هذه النقاشات والصراعات والمطالب إلى تعطيل التوصل إلى أقرار الموازنة عدة أشهر. 

وفي حين تفترض الاصول والسياقات الدستورية أن يباشر الإعداد للموازنة عادة وفي كل عام، بدءاً من شهر ايلول – سبتمبر، كي تنجز وتقر مع نهاية العام، ويباشر تطبيقها مع بداية العام الجديد لم يتحقق ذلك منذ العام 2005 واقرار الدستور، بل أصبح ذلك التأخير بمثابة العادة القبيحة التي دأبت عليها كل الحكومات السابقة المتعاقبة.

أدت النقاشات والصراعات حول بنود الموازنة طيلة الاشهر الماضية، ومطالب جميع المعنيين بتخصيصاتها بالزيادة غير الواقعية لمعظمها لنسبة حصتها رغم تعمد الحكومة ومعدّي الموازنة إلى تسجيل عجز بها، سترغم على سده بالقروض، إلى تعثر وتأخر إقرارها في الوقت المطلوب والمناسب.

وعدا هذا التأخير والتعثر في إقرار الموازنة وانعكاساته وآثاره السلبية في المواطنين وأوضاعهم الاقتصادية والاجتماعية من جهة، وفي الدورة المالية والاقتصادية في العراق من جهة ثانية، فإن العامل السلبي اللافت والمثير للدهشة والتعجب، هو خلو وانعدام كل تلك النقاشات والصراعات والمطالبات بزيادة التخصيصات، من المطالبة بزيادة عدد المستشفيات والمراكز الصحية، وتوفير الادوية التي يعاني المواطنون من قلتها أو انعدامها، وخلوها كذلك من المطالبة بتخصيصات مناسبة لبناء المدارس والمعاهد العلمية، التي تعاني من نقص كبير، ربما يعترض البعض على هذه التسميات الصريحة للمشاريع والمؤسسات والقضايا، التي يحتاجها العراق، لأنها ستنفذ من الميزانيات الموجودة للوزارات والمحافظات و(تنمية الاقاليم). 

لكن هذا الاعتراض الذي يبدو مقبولاً شكلاً لم يتحقق تماماً في الواقع، وهو الأمر الذي يشهد عليه ويؤكده عدم اكتمال انجازات ونفقات ميزانيات المحافظات والوزارات في السنوات الماضية، ولذا فإن من الضروري التأكيد على تلك المشاريع، التي ينبغي انجازها من خلال النص عليها في الميزانية العامة 

للدولة.