منتصر والي.. بصمة الاختلاف وتأثير البيئة

ثقافة 2023/05/18
...

 فاضل ضامد


الاختلاف والبصمة المميزة دائما ما تثير المتلقي والناقد لاعتبارات مهمة، وأكثر ما يجعل الفنان مختلفا هو عثوره على دلالات غير متوفرة في سوق الفنانين الذين يتبضعون دلالاتهم وشفراتهم منه، فضلا عن أنه يبحث في زاوية متفردة ليس لها أضلع مشاعة، وبذلك يصبح الاختلاف واضحاً وجلياً في العمل الفني..

عندما نخلط بين مدرستين مهمتين، ربما يكون الأمر صعبا، ولكن بعد الممارسة والاستمرار سيكتشف الفنان أن هناك امكانية الوصول الى تحديث ذلك التحدي عبر منجزه الفني لسنوات ليس بالقليل. كما فعلها أغلب فناني العراق عندما تمكنوا من خلط بين التعبيريَّة والتجريديَّة وربما هي لها امتداد مسبق كما فعلها جاك بولوك وهانس هوفمان ومن بعدهما آخرون. إلا أن المثير هو أن تخلط بين مدرستين قريبتين ربما يكون الفهم أو الفصل صعبا كما فعلها الفنان منتصر والي في أعماله التي جمع فيها بعض خصال التعبيريَّة والانطباعيَّة معلنا فهما خلائقيّا لم يكن منبوذا، بل كان قريباً للنفس ومطمئناً إلى حدٍّ ما.

الفنان منتصر والي عراقي الجنسيَّة يعيش حالياً في استراليا وله معارض عديدة أقامها في العراق وخارجه، هو مهندس كيمياوي إلا أن الرسم شغله كثيرا حتى برع في الانتاج الغزير والمهم لتاريخه التشكيلي.. هذا الانزياح الروحي جعله يثابر في تسجيل ما تراه عينه وما تسجله أفكاره حتى تبلورت الشخصية عبر سنوات بين العمل والرسم.

الفن دخل أبواب كثير من الفنانين، خارج أسوار الدراسة لكنهم برعوا في تمثيل تلك الخصلة الجديدة والتي شغلتهم عن حياتهم في بعض الاحيان لكي يحققوا كونا خاصا بهم من التشكيل والانتاج الفني.

في أعمال الفنان منتصر هناك زمناً ومكاناً كلاهما تأرجحا بين التأكيد والتمويه. ينتمي كلُّ عمل لمكانه كتاريخ وأرشفة وأخفى كثير من التفاصيل بين الخط واللون المشبع بحسّية عالية.. برع في نسج ملامح مشاهده بضربات فرشاته السريعة ربما هو تفاعل بصري مرة للانطباعيَّة وأخرى للتعبير عن دواخله بين العودة والتأمل لأعماله كاشتياق للمكان والزمان على حد سواء. له أثر آخر في التجريد في أعماله الأخيرة دوَّنَ الكثير من المشاعر والأفكار بين تشابك اللون والفضاءات هي عوالمه البصريَّة الحسيَّة.. نجد فيها توزيعاً شكلياً مرة كانتماء أو دلالة.. حتى أنّه شَفّر بعض أدواته المركّبة بين غربته عن وطنه واشتياقه له.. الفنان منتصر عوّدنا على إظهار ما خفي في دواخلنا من.. مرّة السكون وأخرى الغضب.. والتجريد عند الفنان تجربة ناضجة كانت أولياتها موجودة في أعماله الكثيرة فهو دائماً يخفي ملامح شخوصه وتكويناته من بنايات وأشخاص وأنهار وأسواق وكثير من التفاصيل؛ ولذا كان الشعور موجودا في أعماله كمجرد محدث.. حتى أننا نختزل معه تلك الآفاق والفضاءات بروح الفنان 

والمتلقي.