نازك بدير*
يخترق الذكاء الاصطناعي العديد من الجوانب الحياتيّة وسيتم العمل على دمجه والاستفادة منه قريبًا في مختلف القطاعات. ومع الطفرة الهائلة التي حصلت، والسباق المتنامي الذي تشهده
شركتَي مايكروسوفت وغوغل وإعلان الأخيرة عن إطلاق BARD تتكشّف محاذير كثيرة لتزيد المخاوف من هذه التكنولوجيا. لعلّ التحدي الأبرز حتى هذه اللحظة هو ما يترتّب عن أتمتة الذكاء الاصطناعي؛ فالخشية ليست من جعْل الآلات تنفّذ المهمّات وتمتّعها بالقدرة على التعلّم، بل من عدم قدرتها على تجنّب المحتوى المرفوض أخلاقيًّا واتخاذها القرارات الخاطئة.
في حال حدوث أخطاء، مَن سيُحاسَب؟ ومن هم القيّمون على تزويد الصناديق بالمحتوى ليكون قادرًا على تحليل البيانات وإصدار القرارات والأحكام؟ ومن يعمل على ضبْط المعايير الأخلاقية للمحتوى؟ وفي إطار اعتماده لصنع القرار، ثمّة مخاوف من عدم الشفافية والتحيّز وانعدام الضوابط والانحراف عن المصداقية نتيجة الخلل وعدم الدقّة في إدخال البيانات.
وعلى تعدّد مجالات استخدامات الذكاء الاصطناعي، كمعالجة اللغات الطبيعية أو معالجة اللغة البشرية وهو ما يختصّ بتطوير برامج ونظُم لها القدرة على فهْم اللغة البشرية أو توليدها، أي أنّ مستخدم هذه البرامج يقوم بإدخال البيانات بصورة طبيعيّة، والحاسوب يقوم بفهمها والاستخلاص منها، إلّا أنّه غير قادر على التمييز بين الصواب والخطأ في توليد النتائج. وفي معرض الحديث عن توليد الأفكار (النماذج اللغوية للحوار التي يتم يطرحها الذكاء الاصطناعيCHAT GPT& BARD ) يحضر في البال اسم العالم اللغوي نعوم تشومسكي صاحب النظرية التوليدية التحويلية.
وفي ردّ على سؤال حول تطوّر الذكاء الاصطناعي، ذكر تشومسكي” أنّه تبيّن عند تقديم اللغة المخترعة المستندة إلى لغة فعليّة، فإنّ النمط العادي لمناطق اللغة في الدماغ قامت بوظائفها بشكل طبيعي. وعندما تم تقديم لغة مخترعة، انتهك الاعتماد على التركيب، حتّى مع خوارزميّات بسيطة، فقد أظهرت نشاطًا مشتّتًا في الدماغ، ولم تنشّط مناطق اللغة، وتمّ التعامل معها
كلغز”.
ثمة العديد من الثغرات لا تزال قائمة في تطبيقات الذكاء الاصطناعي وهي تهدّد أمن الإنسان وتنتهك حقوقه ومصالحه وأخلاقيّاته. وتبقى الأبواب مشرّعة على المزيد من البحوث، والسنوات المقبلة ستكون حبلى بالمفاجآت طالما العقل البشري في تحدّ مستمرّ مع نفسه ومع الأنظمة التي طوّرها.
كاتبة لبنانيّة