شروط تقلد المنصب

آراء 2023/05/18
...

 حسين رشيد


حاول النظام السياسي ما بعد 2003 اقناع وكسب الناس، وفق كل مرحلة ومتغيراتها وشكل التحالفات التي تشكل الحكومة، وقوة ونفوذ كل مكون، إضافة إلى العنصرين المهمين وهما الملف الامني - الارهاب، والوضع الاقتصادي - الفساد، واللذان يرتبطان بخيوطٍ خفية ومعلنة، وإن نجحت القوات الامنية والتفاهمات السياسية بالانتصار على الإرهاب لكن بتضحيات كبيرة من فقراء البلاد، الذين يفترسهم الإرهاب الآخر المتمثل بالفساد المتفشي في كل مفاصل الدولة، والمعترف به من قبل كل القوى السياسية الحاكمة والمتحكمة بشؤون البلاد والعباد. 

منظومة الفساد المالي انتشرت بعد الفساد السياسي بتوزيع المناصب الإدارية العليا في البلاد، اذ جاءت إغلب القوى بشخصيات حزبية بعيدة عن الخدمة الوظيفية الصحيحة التي تحتم تقلد أي منصب أو مسؤولية لشعبة أو لقسم اداري وجود استحقاق وظيفي، وبما ينص عليه قانون الخدمة المدنية الصادر عام 1960، الذي وضع الأسس والسياقات الإدارية والقانونية، الإ ان الحكومات المتعاقبة بعد 8 شباط 1963 أجرت تعديلات تتماشي مع توجهاتها، ما تسبب بإفراغ القانون، الذي يُعد الأفضل في المنطقة حينها من ناحية قوته وأهميته في تنظيم الشؤون الادارية لمؤسسات البلاد.

ينقل أن إحدى الشخصيات السياسة الحاكمة حينها والنافذة الان قد وجه بتعيين شخص مقرب منه معاون مدير عام لإحدى الهيئات المهمة التابعة لوزارة سيادية، لكن الأمر الإداري تم رفضه لعدم وجود تدرج وظيفي للشخص المعني، كما ينص قانون الخدمة المدنية، فتم التوجيه بتعينه مديرا عاما، باعتبار ان المنصب درجة خاصة، ما تسبب بإرباك عمل تلك الهيئة بشكل تام، حتى وان كان هناك معاون مهني متدرج وظيفيا، لكن صلاحيته ستصطدم بصلاحيات المدير العام الذي جاء من خارج الهيئة، ولا يملك أي خبرة وظيفية بالإدارة ولا الكفاءة كما نقل.

 مثل هذه الحالة ليست الوحيدة ان تكون الظاهرة العامة في مؤسسات الدولة، والتي تسببت بتخلف العمل الاداري، وشيوع الفساد والرشوة، وتأخر إنجاز الأعمال الإدارية، ليس داخل الدائرة المعنية، بل حتى الدوائر الاخرى التي على تماس بعملها، وثمة حالات أخرى أن يؤتى بشخصيات خارج الاختصاص بل بعيدة عنها كل البعد وتسلم مسؤولية الادارة، فمن غير المعقول أن يكلف خريج جامعة بتخصص انساني، ادارة مؤسسة معلوماتية أو أمنية على مستوى عالٍ من الاهمية، أو مختص بشؤون العلوم.

بالتالي لا نحتاج لشروط ربما ترتطم بالقوى السياسية، بقدر ما نحتاج إلى تطبيق قانون الخدمة المدنية في كل مؤسسات ودوائر الدولة، من مسؤول شعبة صعودا إلى القسم وادارة الدائرة ومعاون المدير العام، والمدير العام واعتبار درجته وظيفية متدرجة وليس درجة خاصة، والامر قد يحتاج لقرار من مجلس الوزارء أو مفاتحة البرلمان لاجراء تعديل بذلك، لكن هل سترضى القوى السياسية بذلك التعديل، هذا إن قبلت بشروط رئيس الوزراء الخاصة بتسلم منصب المدير العام اذ كان وكالة أو اصالة.