أ. د هاشم حسن التميمي
أثارت الجدل الأسبوع الماضي صورة اصطفاف أغلبية زعماء العراق أمام شريط افتتاح متحف الزعيم مصطفى البارزاني في أربيل وتسابقهم بقص الشريط وحرصهم على إظهار صورهم أمام الكاميرات في مشهد نادر الحدوث له دلالات متعددة. وهذا الحدث أثار اهتمام وانتباه الاعلاميين لكنّهم فضّلوا الصمت تجنّباً لزعل الزعماء أو خوفا من مقصهم الذي لا يرحم، وحتى الزملاء الأكثر سخرية وجرأة من رسامي الكاريكتير آثروا الصمت وتذكّروا مقص الرقيب الذي لا يرحم. وما زالت مقولة "الحيطان لها اذان، و"للمستشار تقييم المقال عند صاحب القرار". وساد الغمز واللمز في أروقة الصحافة ومقاهيها وفضّل الجميع تجاهل الحدث على الرغم من اعترافهم بأهميته ودلالاته، لكن أحدهم سجل سبقا في عنوان مقال معبر ومثير (زعماء المقص) كان بمثابة قنبلة صحفيَّة مدوِّية قابلها الزعماء وأجهزتهم الإعلاميّة وامتداداتهم الالكترونية بالصمت. نعود للصورة فهي في التحليل العلمي الاكاديمي تعد تسجيلاً ذكيَّاً للحظة تاريخيَّة نادرة في عالمنا السياسي..
وتستعرض كتب الصحافة صور ادي ادامز عن بشاعة الحرب في فيتنام، ونتذكر مجموعة صور رعب الحرب وهي تظهر النيران الامريكية تلتهم أجساد الأطفال في الشوارع. مما دفع الرأي العام الامريكي والعالمي للضغط لايقاف الحرب...، وأثارت مشاعر البشرية صور نسر يقترب من طفلة افريقية متهالكة من الجوع. مما دفع المصور للانتحار لشعوره بالذنب...وتتصدر حتى اليوم كتب الحرب صورة يوم الغزو لروبرت كابا وهو يسجل لحظة انزال النورماندي في الحرب العالمية الثانية...، نعود للصورة ونحللها من زاوية واحدة هي الامنيات وتعليقات الناس فلست أشجع من غيري ولا امتلك رأساً ثانيَ أتبرع به لـ(صكاكة) هذا الزمان... يقول مواطن عراقي شهم كنت أتمنى أن يقف زعماء البلاد بهذه الحماسة لقص شريط ميناء الفاو الكبير او مشروع مترو بغداد، وتجمعهم صورة أخرى مع مقصاتهم لاطلاق مركبة فضائية عراقية تستكمل مسيرة الامارات العربية، ويا ليتهم يجتمعون في حفل افتتاح بناية البنك المركزي ويعلنون فيه استعادة الدينار العراقي لكرامته وقيمته السابقة. وما أجملها من صورة تجمع هؤلاء الزعماء وهم يعلنون انتزاع آخر قطعة سلاح منفلت وإعادتها للدولة التي استعادت هيبة القانون... ويجمع شريط آخر وصورة جديدة لافتتاح أضخم سد عراقي لخزن المياه وتدويرها للاهوار وايصال الماء الصالح لاهالي البصرة.. وإحياء أرض العراق المتصحّرة.. وما أجملهم وهم يقصون شريط افتتاح المشروع الوطني لانتاج وقود الطاقة وتوفير أكثر من عشرة مليارات دولار... وعسى ان نراهم يفتتحون عاصمة ادارية جديدة مثل القاهرة... وليس أخيراً افتتاح مشاريع حقيقية للاستثمار وليس الاستحمار لخدمة الفقراء ورعاية العلماء.