باقر جاسم محمد: خطاب الإرادة

ثقافة 2023/05/21
...

 باسم عبد الحميد حمودي

 رحل بهدوء ملفت الناقد المهم الصديق الاستاذ باقر جاسم محمد يوم 15 نيسان الحالي بعد رحلة ثقافية حافلة متنوعة بين الدراسات النقدية والترجمة وكتابة القصة القصيرة والشعر.


وباقر جاسم المولود في الحلة في الأول من تموز 1951 يمتلك قدرة فائقة مستوعبة للجديد في الدراسات والعمل الثقافي والتوجه الصارم إلى تحديث اجراءات الدرس والكتابة النقدية التي أشتهر بها.

كانت اطروحته في الماجستير باللغة الانكليزية عن قسم اللغات في جامعة بغداد عن (روابط التماسك النصي بوصفها معالم أسلوبية) عام 1988، وكانت دراسة جوانية تتعلق بحيثيات النص من داخل بيئته وفكر

الكاتب.

عمل مدرسا وأستاذا في الثانويات وأستاذا في جامعات كثيرة في العالم العربي، واغترب عاملا في جامعات المغرب والجزائر واليمن، ثم عاد إلى وطنه يعمل أستاذا في جامعة بابل ورئيسا لتحرير مجلة الثقافة الأجنبية حتى وفاته.

 وقبل أن نتحدث عن دراساته وكتبه القصصيَّة والشعريَّة، نقف عند لواعجه الشخصية وهو يبثها خلال صفحته العامة في الميديا (الفيس بك) ليخاطب بها ذاته وخلانه المقربين الذي اختار هو صداقتهم واختاروه هم  لمحبتهم واحترامهم له.

حاول أن يفهم المستقبل.. وما يجري

كتب يوما يقول:

قالت: ألا تكف عن تأمل الماضي؟

قلت: لا

قالت: لم

قلت: لأنني ما زلت أحاول أن افهم المستقبل

وكتب: أغنية الفجر الجديد

عند أول الفجر كنت أقف عند حافة الحديقة متأملا النجوم وهي تغطي أجسامها بالضوء الباهر للحياة الوليدة

وكتب يوما: أغنية إلى حبيبتي شمس النهار

المرايا أنت 

أنت مرآة لي 

وأنا لست مرآة لك

فالمرايا لا تلبث فيها الصور إلا يسيراً من الوقت

والمرايا لا تعشق

ولا تسهر

ولا تغني

وأنا أغني لك طول الوقت

في حضورك والغياب 

لأنك مني

 لباقر جاسم ديوان شعر بعنوان (أسئلة العاشق) وديوان آخر تحت عنوان (أسد بابل) وقد كان رحمه الله يلجأ إلى طاقة الشعر الكبيرة التي يمتلكها للراحة من عقل الناقد المتبصر الذي اعتمد دراسة المناهج النقدية الحديثة من تفكيكية وأسلوبية تسبقها التجارب البنيوية النقدية التي اعتمدت الخطاب الداخلي للنص، وأصدر في هذا السياق عددا من الكتب ونشر عشرات الدراسات المنهجيَّة.

نشر كتابه النقدي (طاقة الكلمات) عام 2009 عن دار كلاويز وكتاب (نقد الخطاب التاريخي) في صنعاء عام 2013 وترجم عدداً من الكتب منها (سيرة حياة اليوت) للناقد بيتر أكرويد بالمشاركة مع دكتورة خالدة حامد تسكام، وله عدة كتب ودراسات موضوعة ومترجمة تشي بقدرة هذا الناقد الجاد على العمل الجاد الذي أثقل خطواته، وهو يعمل بقوة ومثابرة صبورة حتى أثقله المرض فغادرنا مسرعا.

للناقد الراحل مجموعة قصصية وحيدة بعنوان (أزهار الحديقة السرية) نشرت ببغداد عام 2017، وله تجارب شعرية وقصصية ونقدية متعددة عبرت عن تلك الطاقة الكبيرة التي يمتلكها الكاتب الراحل وعن تجاربه الفكرية في شتى صور الأداء.