عبدالله حميد العتابي
تعدُّ العلاقة مع المملكة العربية السعودية من ابرز أولويات صانع القرار السياسي في العراق ،في ضوء التوافقات بين البلدين، بشأن قضايا سياسية وستراتيجية في المنطقة، فضلا عن الحرص على الاستقرار السياسي والأمني تجاه التهديدات، التي تتعرض لها البلدان. اذ تدور العلاقات العراقية السعودية في إطار من متغيرات دولية واقليمية بالغة التعقيد، بسبب تداخلها وتطوراتها السريعة، علاوة على ما عاشته منطقة الشرق الاسط من تداعيات في اعقاب الحرب الروسية الاوكرانية، وجائحة كوفيد- 19 وثورات الربيع العربي؛ قد أسست أوضاعا خطرة، لربما تهدد السلام العالمي والعلاقات بين الدول الكبرى نفسها، ناهيك عن خطر تواجد الجماعات الارهابية الاسلامية مثل داعش والقاعدة وحلفائها من التنظيمات المشابهة. نتيجة لما تقدم، يمكن اعتبار العلاقات العراقية السعودية ناصية مهمة لاستعادة الاستقرار إلى المتطقة مرة اخرى بعد عقود طوال من عداء عراقي سعودي، بدأ مع ولادة العراق المعاصركدولة، ففي الأيام الأولى لم يكن العراق هو الذي يهدد السلام، في حين هدد السعوديون العراق، حينما شنت المليشيات الوهابية الموالية للملك عبد العزيز غارات في عمق العراق، في أوقات عدة في عشرينيات القرن العشرين، وذلك في اطار محاولات توسيع نطلق حكم السعوديين على حساب الهاشميين في الحجاز والضفة الشرقية لنهر الاردن.ان معاهدة 1922 التي فرضها برسي كوكس على البلدين حدت من اطماع عبد العزيز في العراق. وامتازت حقبة ما بعد ثورة 14 تموز 1958، بالتوترات الأيديولوجية، وتحدث السعوديون عن حقيقة أن ابتلاع صدام للكويت في عام 1990 سبقه بعشرين سنة تهديد الزعيم عبد الكريم قاسم بالاستيلاء على الكويت؛ بوصفه دليلا على أن اطماع العراق ضد جيرانه لا علاقة لها بمن يحكم في بغداد، وكان اندلاع الثورة الايرانية في عام 1979، وما أعقبه من الحرب العراقية الإيرانية 1980 - 1988، طرح جانبا أي مخاوف سعودية باقية من طموحات السيطرة العراقية، وتضافرت السياسة النفطية وقضية تخفيف عبء الديون بعد عام 1988، ليصبحا المصدر الاساسي للاحتكاك بين العراق والسعودية، إذ التزمت السعودية بسياسة تثبيت الاسعار في حين توقع النظام العراقي إبقاء السعودية على أسعار النفط المرتفعة وخلال الأعوام، التي تلت سقوط الصنم في عام 2003، كان التطور السياسي في العراق وصعود دور الشيعة في حكم البلاد سببين في سياسة السعودية السلبية تجاه العراق. وبقيَّ أن أقول إن تصريح رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني لصخيفة الشرق الأوسط «أن السعودية والعراق قادران على خلق محور اقليمي يكون نقطة ارتكاز في المنطقة والعالم»؛قد خلق شراكة ضرورة بين البلدين، وثمة ضرورة لدوام الشراكة الستراتيجية بين بغداد والرياض، بما يمكنها من مواجهة المواقف الدولية المتغيرة والتحديات الإقليمية. وأن التوافق بين البلدين لا يعني بالضرورة التطابق التام، سواء في المصالح الحيوية والأدوار الستراتيجية، بحيث لا يلغي ذلك امكانية وجود بعض الخلافات، حول بعض المصالح والأهداف والادوار على مستويات أخرى.