علي حسين عبيد
هناك بعض المشكلات العصية على الحل، قد يُسمَح لنا بتركها إلى وقت آخر مناسب، مع عدم إهمال البحث عن حلول جادة وصحيحة لها، لكن هنالك مشكلات تشكل تهديدا مصيريا للناس، وهذا النوع من المشكلات لا يمكن تأجيله، لأنه سوف يقود إلى تدمير المجتمع بشكل مروّع، والصبر على مثل هذه المشكلات والأزمات ليس صحيحا مطلقا.
ومن أبشع الأزمات والمشكلات التي نواجهها اليوم في العراق،، أزمة أو مشكلة انتشار المخدرات بشكل يفوق التصور، فحين يمتد خطر هذه الظاهرة أو المشكلة إلى أطفالنا، فعلينا أن نفهم حجم الخطر، الذي نتعرض له في وجودنا وكينونتنا وما يتهدد أجيالنا الحالية والقادمة.
لقد دق ناقوس الخطر الكبير بعدما وصلت المخدرات إلى مدارسنا الابتدائية، وهذا ما حصل في إحدى مدارس السماوة، كما رأينا ذلك في أحد الفديوهات، التي تم بثها بشكل واضح وعلني على إحدى الفضائيات في حوار حول مشكلة المخدرات وانتشارها بشكل غير مسبوق.
إن المخدرات مرفوضة جملة وتفصيلا ولكل الأعمار، وهذا ما يتفق عليه الجميع، ولكن الآن تصل هذه الظاهرة الخطيرة إلى المدارس الابتدائية، وتهدد حياة أطفال العراق، فهذا ما لا يجب السكوت عنه مطلقا، والحقيقة كلنا نعيش حالة من الاستغراب على كيفية بلوغ هذه التجارة البشعة إلى المدارس الابتدائية.
وهناك تساؤلات عديدة حول من يسوقها، ومن يسمح بها وكيف تدخل إلى المدرسة الابتدائية وكيفية المتاجرة بها ومن يروجها؟، ولا أحد يجيب عن هذه الأسئلة وسواها، لذلك لا بد من العمل الفوري والتصميم الحقيقي على محاصرة هذا الخطر المتفاقم، الذي يسعى لتدمير أطفالنا، وبالتالي تدمير المجتمع كله، وإسقاط أركان الدولة العراقية حاضرا ومستقبلا.
وأي مستقبل يمكن أن نتصوره في ظل أجيال تُبنى طفولتها بالمخدرات، علما أن هؤلاء الأطفال هم أمانة في أعناق الكبار، وأن المتعاطين منهم لا يدركون ما يفعلون، وإن من أوصل المخدرات إليهم ونشرها بينهم هم الأشرار من كبارهم، لهذا لابد من وضع خطط متخصصة تقوم بمحاصرة هذه المشكلة الظاهرة، وتضع لها الاجراءات اللازمة بحيث تتم معالجتها بشكل صارم ودقيق.
إن حالة الاهمال وعدم المبالاة التي تسود في معالجة الأزمات، وعدم التصدي لها بشكل حازم، يجب أن لا تستمر، وهذه الظاهرة التي نتكلم عنها هنا في هذه المقالة السريعة، يجب أن تُستثنى من (الاهمال واللامبالاة)، ولا بد من المباشرة الفورية في التعامل معها بشكل جاد وسريع ودقيق ومناسب لمنع امتدادها إلى مدارس ومؤسسات وأجيال
أخرى.
علما ليس الحكومة وحدها من تتحمل المسؤولية عن هذه الظاهرة الخطيرة، ولا الأجهزة المتخصصة وحدها، بل هناك مسؤولية كبيرة ومباشرة على الآباء والأمهات وعائلات الطلاب الصغار، عليهم أن يتعاونوا ويتصدوا لهذه الظاهرة، من خلال مراقبة أطفالهم ومتابعتهم والاهتمام بمشكلاتهم وإبعادهم عن دائرة خطر المخدرات المحدق بهم.