رسام عراقي يعيد إحياء صناعة {المشحوف}

الصفحة الاخيرة 2023/05/23
...

 بغداد: أ ف ب


تجوب نهر دجلة في بغداد مراكب "مشاحيف" خشبية يقودها شبان عراقيون في مقتبل العمر دعماً لجهود فنّان يسعى للحفاظ على هذه القوارب التقليدية التي تعود الى أيام السومريين. ويؤكد الرسام والنحات رشاد سليم مؤسس جمعية "سفينة"، ضرورة إنقاذ "هذه الملامح الأساسية من حضارتنا التي لا تزال موجودة منذ أربعة أو خمسة آلاف السنين من الانقراض". ومنذ 2018، بدأ الفنان البالغ 62 عاماً رحلة البحث على آخر صانعي المشحوف في العراق، قادته إلى قرية الهوير بجنوب البلاد على مقربة من الأهوار. ولينتشل من غياهب النسيان هذا القارب المهدّد منذ عقود جراء انتشار المراكب التي تعمل بمحركات، دفع رشاد نحو إعادة صناعة المشحوف عبر التعاون مع أندية للألعاب المائية أو تأسيس فرق للشباب تعنى بالإبحار على متن المشاحيف. عند عصر يوم ربيعي في بغداد، تجمّع شباب في العشرينيات من عمرهم لقيادة 18 من هذه القوارب خلال عرض أقيم كجزء من مهرجان ثقافي.

ضرب الشبان بمجاذيفهم يمنة ويسرةً للحفاظ على توازن المراكب لدى عبورها في مياه دجلة، بالنسبة إلى كثيرين هذه الرحلة هي جزءٌ من تجربة لا تزال ناشئة، ومنهم عمر يوسف (21 عاما) الذي بدأ قبل شهر بقيادة "المشحوف" بعدما راكم خبرة على مدى خمسة أعوام في ركوب الأمواج الشراعية. يقارن يوسف بين رياضة خبِرَها "تعتمد على الهواء ويجب الحفاظ فيها على توازن الجسم"، ورياضة يتعلّمها تحفّز على تحريك "الكتفين والذراعين". لكن الأهم بالنسبة إليه هو أن المشحوف جزء "من تاريخ البلاد وحضارتها". يوجد حاليا سبعة أندية مائية لكل منها ثمانية مراكب، تتوزع بين بغداد ومحافظة بابل (وسط) ومحافظات أخرى في جنوب العراق، أنشئت بفضل تمويل بريطاني أو من التحالف الدولي لحماية التراث في مناطق النزاع "ألِف".

وتسمح هذه المبادرة للشباب في أنْ "يتواصلوا مع البيئة"، وفق سليم الذي يبدي خشيته من الوضع "المرعب" للأنهار لجهة "ملوحة المياه والتلوث" في بلد يعاني من التغير المناخي والجفاف.

ويبدي سليم منذ عقود اهتماماً بالثقافة المحلية لبلاد الرافدين، وترعرع هذا العراقي الألماني في وسط ثقافي، فعمّه هو النحات والرسام الشهير جواد سليم، أما والده فهو الفنان والدبلوماسي نزار سليم.