حسين رشيد
يعرف ترشيد الاستهلاك انه استخدام الافضل والامثل للموارد المتاحة، من خلال الاعتماد على تقنياتٍ واجراءات محددة دون إلحاق الأذى بالأفراد أو سلب راحتهم، الترشيد في استهلاك الموارد لا يعني منع استخدامها، بل استخدامها بكفاءةٍ عاليةٍ للحدّ من هدرها اذ كانت الطبيعية مثل الماء أو المنتجة كالكهرباء، وكلاهما نحتاج ان نرشد ونقنن استهلاكهما، مثلما نحتاج إلى ثقافة في الاستخدام ووعي في المحافظة على اي موارد وطنية تدخل في الخدمات الحياتية للناس.
في العراق نسرف بكل شيء في الاستخدام والاستهلاك، نسرف بالطعام وتبذيره، فحسب الاحصاءات أن العراق من اكثر الدول اسرافا برمي الاطعمة، ونسرف بالشراء والتبضع لكل حاجة وان كانت غير ضرورية أو ملزمة الاستخدام، نستعرض بمناسبة ودونها، نسرف بالحزن والفرح، بالخصام والرضا، نجيد الهدر والتبذير، بل بات كلاهما من اسياسيات حياة الكثير منا، خاصة اذ كانت هذا المورد أو الحاجة عامة ومملوكة للدولة، لا يترتب على استخدامها اي نفقات واذ صادف إن كانت هناك نفقات فهي شكلية.
على مقربة من اشتداد وارتفاع درجات الحرارة ما يتطلب توفير المياه الصالحة للاستخدام البشري، والتي يتوقف توفرها على صناعة وانتاج الكهرباء، التي هي الاخرى تحتاج للماء في التبريد والتوليد، لكن كيف اذا شح كلاهما ودرجات الحرارة تصل إلى 60 مئوية، مما يسبب ضغطا كبيرا على منظومة الطاقة الكهربائية، التي حتما لن تتمكن من توفير ساعات التجهيز اللازمة، لأن الفساد وهدر الاموال على مشاريع غير مجدية طوال العشرين عاما الماضية زادا من حجم المعاناة، وتسببا بانتاج شريحة من التجار العاملين في استيراد المولدات الكهربائية وادواتها الاحتياطية وبقية مستلزمات توفير الكهرباء من المولدات الاهلية.
وفي ما يخص توفير الماء الصالح للشرب فالامر ليس ببعيد عما سبقه، الاختلاف أن الماء مورد طبيعي، لكن هذا لا يعني استمرارية جريانه بفيض وقوة، العراق يعاني منذ سنين من شح مصادر الماء، وانعكس ذلك على الانتاج الزراعي، ورغم كل التحديات التي ستواجهنا في السنين المقبلة، نسرف كثيرا ونهدر يوميا كميات من الماء تسد حاجة عطشى شعوب ودول، الاسراف يبدأ من البيت إلى السوق والمدرسة والمؤسسات الحكومية التي هي الاخرى تسرف كثيرا باستخدام الطاقة الكهربائية، دون مبالاة أو حتى محاولة ترشيد الاستهلاك واستخدام اجهزة حديثة في الانارة والتبريد.
كل ما نحتاجه اليوم كي ننعم بصيف افضل تزداد فيه ساعات التجهيز للكهرباء، وعدم انقطاع الماء، إلى وعي بضرورة حماية الاموال العامة التي من ضمنها الماء والكهرباء، وليس من الصعب عمل حملات توعية شعبية بهذا الشأن، مع استمرارية الجباية، وخاصة الماء الذي يحتم على الجهات المسؤولة تصفيته وتنقيته من الشوائب والطين والاملاح قبل ضخه للاستخدام اليومي، فهذا يقلل من الاعتماد على ماء المحطات والمعامل ويدفع المواطن إلى تقنين الاستخدام ودفع اجور
الماء.