نرمين المفتي
يكاد لا يمر اسبوع في بغداد من دون مظاهرة يشارك بها احيانا العشرات وفي اخرى المئات. وإن كنت شخصيا مع الحق الدستوري في حرية التعبير والتظاهر، لا بد لي من القول: ليست مطالب المتظاهرين كلها مشروعة أو مقبولة، لكن منظمي هذه التظاهرات تيقنوا من أن الحكومة كي توقفها أو تسكت المتظاهرين، فإنها تستجيب لمطالبهم بخطوات غير مدروسة وبدون اي تخطيط حتى أن كانت هذه الخطوة ستتسبب بالضرر الكبير للعراقيين في المستقبل القريب، ربما خلال سنتين أو ثلاث مقبلتين.
شهدت بغداد وبعض المحافظات في الأيام الماضية تظاهرة لطلبة الصفوف المنتهية في المرحلة الثانوية، تطالب بالسماح للجميع بأداء الامتحانات النهائية، اي يطالبون بدخول شامل بغض النظر عن اداء الطالب في العام الدراسي وعدم نجاحه في الكثير من الدروس! خاصة وأن هناك سوابق لهذه (المطالب) وإن كانت وزارة التربية تستطيع ان تبرر بأن الظروف في حينها كانت قاسية، مثل الوباء، وألا يوجد تبرير لهكذا خطوة، التي تضر كثيرا بالنظامين التربوي والتعليمي، ضررا كبيرا يحتاج إلى سنوات لاصلاحها.
الآن أحاول أن اتذكر، واعتذر أن خانتني الذاكرة، ربما في 2012 عبرت وزارة التربية عن مشاعرها (الابوية)، واقترحت على مجلس الوزراء الموافقة لطلبة الصفوف المنتهية على اضافة (الدور الثالث) للذين لم يتمكنوا من اجتياز الدورين الاول والثاني! في انتهاك خطير للنظام التربوي، الذي سيؤدي إلى عدم اجتهاد الطلبة في الدرس. واكاد اجزم أن تلك المشاعر (الابوية) انما كانت لاجل الاصوات في الانتخابات العامة (القادمة) تماما كما كانت التعيينات في دوائر الدولة والتي اصفها ب(تعيينات الاصوات).. وهكذا، حاول الطلبة أن يجعلوا من (الدور الثالث) قانونا، ولا بد من استمراره وبعد انتقادات عديدة تم ايقافها ولكن بعد عقد تقريبا، بدأ خلالها طلبة الجامعات ايضا بالمطالبة بهذا الدور غير القانوني والطامة الكبرى كانت حين تظاهر طلبة دراسات عليا ان يتمكنوا من اجتياز امتحانات السنة التحضيرية في دوريها الاول والثاني! ونعرف جميعا أن الذين اجتازوا الدور الثالث واصر على وصفها بغير القانوني، كانوا بعشرات الآلاف، و (لأجل مستقبلهم) تم افتتاح العشرات من الجامعات الاهلية والتي مع الجامعات الحكومية تخرج سنويا عشرات الالاف من الشباب بدون دراسة حاجة العراق إلى الاختصاصات والذين لن يتوقفوا عن التظاهر مطالبين بالتعيين!
لم تتوقف الحكومات عند اسباب هذه التظاهرات لايجاد حلول جذرية للمشكلات أو المطالب وكانت الحلول الترقيعية جاهزة دائم، والتي لم تتوقف الحكومات ايضا لدراسة تأثيرات هذه الحلول على المستقبل، والتي اشار اليها الصحفيون والخبراء ولكن! قد يدافع احدهم عن الطلبة الذين طالبوا بدخول شامل إلى الامتحانات النهائية، ويقول إنهم من الذين يدرسون ويعملون لاعالة اسرهم وسيكون جوابي ان نتائج الامتحانات اثبتت أن من بين الاوائل على العراق دائما من يدرس ويعمل في الوقت نفسه، وان من بينهم طلابا وطالبات من قرى بعيدة عن اقرب مدرسة بكيلومترات عديدة. لا يوجد اي تبرير لانتهاك النظام التربوي، الذي اضرت به المحاصصة ومحاولات الكتل السياسية بالبقاء والحصول على اكبر عدد من الاصوات..ولنا عودة بشأن النظام التربوي في العراق.