مشروع جديد

آراء 2023/05/29
...

 حمزة مصطفى


حين أعلن رئيس الوزراء محمد شياع السوداني في قمة جدة بالمملكة العربية السعودية عن مشروع جديد تعمل عليه بغداد اسمه "طريق التنمية"، لم يكن لدى الكثيرين فكرة متكاملة عن هذا المشروع. 

السوداني ربط الفكرة بالأمر الواقع، حين أعلن عن بدء الخطوة الأولى في تنفيذ هذا المشروع، وهي استضافة بغداد لمؤتمر وزراء النقل لدول مجلس التعاون الخليجي ودول الجوار العراقي. 

وقد تم ذلك بالفعل، وخرج المجتمعون بمقررات تستشرف آفاق هذا الطريق الذي يسير بمسارين.. ربط سككي ونقل بضائع من موانئ البصرة إلى أقصى الشمال العراقي باتجاه تركيا فأوربا.

وعلى إمتداد هذا الطريق الذي سوف يمر بنحو 10 محافظات عراقية سوف تنشأ مدن جديدة على جانبيه بكل ما يمكن أن تتضمنه من فرص عمل، وتوظيف تبدأ بنحو 100 الف وظيفة وفرصة عمل. 

وكأي مشروع تنموي جديد بمواصفات مختلفة وتفكير خارج الصندوق، فقد تباينت المواقف والآراء بين مؤيد للمشروع وبين معارض له وبين.. بين بين. 

المؤيدون منسجمون مع فكرة ورؤية مبدأ التفكير خارج الصندوق، انطلاقا مما يملكه العراق من موارد وطاقات، فضلا عن موقع جيوستراتيجي مهم، هو بحد ذاته ثروة أخرى لا تزال غير مستثمرة بشكل سليم. 

أما المعارضون فينقسمون إلى فريقين. 

فريق يكتفي حتى الآن بالتساؤل المصحوب بالدهشة من منطلق أن الحكومة هل تملك كل هذه القدرة والرؤية والخطة، بحيث تنفذ مشاريع استراتيجية كبرى؟ وربما يضعون في بالهم هل يمكن للقوى السياسية حتى بعض تلك التي تدعي مؤازرة الحكومة ودعمها الوقوف إلى جانب هذا المشروع، الذي في حال تحققه سوف يجعل من محمد شياع السوداني "محمد مهاتير" عراقيا جديدا؟ أي خلاصة ما يمكن أن يصل اليه تفكير هؤلاء هو أن "الشغلة كلها ما تخش عقلهم". 

أما الفريق الثاني فأيضا منقسم بين رأيين.. رأي يريد أن يعارض لأجل المعارضة فقط، سواء من منطلق عدم وجود ثقة بالطبقة السياسية بشكل عام وهو ما يعني إنه "غاسل يده" تطبيقا لمبدأ "هل تترجى من بارح مطر؟". 

الرأي الآخر يرى أن هذا المشروع ينطوي على جنبة سياسية تتمثل بخروج العراق من مبادرة الحزام والطريق الصينية، وجعل العراق مجرد ممر لبضائع بعض الدول المجاورة. 

وهو ما يعني من وجهة نظرهم أن العراقيين سوف يتحولون إلى مجرد "حماميل" لكن "مو بالشورجة" إنما على امتداد طريق يمتد لمسافة الف كيلو متر من البصرة جنوبا إلى فيشخابور شمالا يدر سنويا نحو 4 مليارات دولار. 

شخصيا لست مستغربا لهذا النمط النقاش أو حتى التفكير المتنوع سلبا وإيجابا. 

فالأفكار والمشاريع الكبرى لها ضرائبها وأكلافها الباهظة في العادة من زوايا ورؤى متباينة. 

مع ذلك فإن هذه العاصفة من ردود الفعل، التي يواجهها المشروع ونحن لم نضع "طابوقة" واحدة بعد في أي شبر منه تعني أنه.. مشروع مختلف ونمط تفكير تنموي جديد.