مصادرة طاقات الشباب

آراء 2023/05/29
...

 عبير القيسي


جميعنا يعلم أن الشباب مرحلة مهمة ومفصلية في حياة الانسان، خلالها يتم التحصيل الدراسي والبحث عن عمل وتكوين أسرة، فهذه سنًّة الكون والمجتمعات إذ لا يمكن لانسان أن يبحث عن عمل وهو في سن الشيخوخة مثلا بسبب ضعف قدراته الجسدية والصحية، فلكل مرحلة دورها، وعلى الفرد أن يؤدي ما له وما عليه في أي سن يصبح فيه مسؤولا عن ذاته وطموحاته ومن يشاركه روح الحياة.. لكننا اليوم اتممنا العشرين من أعمارنا وبعضنا دخل الثلاثين وهو لم يستطع تأمين مصدر عيش ثابت لنفسه واسرته، البعض لم يستطع تأمين مصرفه اليومي، بسبب عدم قبوله في الوظائف الاهلية لأنها تتطلب خبرة سنين طويلة، وهو في اعلى تقدير قضى تلك السنين مجتهدا في اثبات ذاته بعمل واحد لكن مرؤوسي العمل يتطلبون خبرات ومهارات لم يكتسبها الخريج في جامعته، بل يحتاج إلى ممارسة فعلية وابواب الممارسة عند القطاع الخاص، الا ما ندر أن تفتح لاستقطاب الايدي الجديدة في العمل وتدريبهم عمليا وفق تخصصهم العلمي

وفي السياق ذاته فإن القطاع العام استوعب الكثير من الخريجين المحاضرين والاداريين والمهندسين والاوائل على جامعاتهم، لكن البلد اليوم في زيادة سريعة وكبيرة بالنمو السكاني والمؤسسات الحكومية المتوفرة قليلة لم تفِ بالغرض بالنسبة لأربعين مليون نسمة، كذلك الكوادر المتوفرة في بعض المؤسسات وصلت إلى سن التعاقد أو ما يقاربه، فمعلم في سن الخمسين بعد خدمة ثلاثين عاما في قطاع التربية، كيف ستصبح طاقته لتعليم اطفال الابتدائية في ظل هذا التطور الديموغرافي، الذي يتطلب مواكبة ضرورية لما يجري من احداث عصرية في تعليم الطفل وتربيته، حيث طرائق التدريس الحديثة واساليب تحبيب الطفل بالمدرسة ومعلميه؛ ومن البديهي أن يسأل المواطن، لماذا لا تفعل الحكومة قانون التقاعد بعد عشرين سنة من الخدمة لكل موظف وهنا ستكسب الدولة موظفين صغارا قادرين على العمل بصورة افضل، وسيكسب الموظف البالغ سن التقاعد راحة تامة لعشر سنوات بالامكان له أن يستريح خلالها من اعباء العمل، ويكسب صحته النفسية والجسمانية؟.. والكثير من التساؤلات والحلول المطروحة لمعالجة اختلال حقيقي في السلَّم الوظيفي، لكن بالرغم من الخطط العديدة لبناء مبانٍ جديدة واستثمار الطاقات الشابة بالمقابل تقديم خدمات ممتازة ومنضبطة للمواطنين، الا أن الحكومات تتعمد اقصاء دور الشباب وتهميشهم وأن كانت شعاراتهم رنانة في دعم هذه الفئة، إلا انها لم ترتفع فوق مستوى الحبر على الورق، وهذا لا يتقدم بنا نحو الرقي في بناء العراق فإن المجتمع بحاجة فعلية لهذه الفئة العمرية أن تخدمه وتمارس حقوقها الطبيعية كبشرية سوية لا أن تهمشه دورات انتخابية بائسة. 

كما أن دعم القطاع الخاص برؤى مركزية وضوابط حكومية، تضمن للموظف الشاب حقه في احتساب الخدمة والاجور المجزية عن عمله، سيعزز الكثير من الثقة بهذا القطاع والتوجه اليه وبذلك يخف ثقل التوظيف عن اكتاف التوظيف العام، فلابد لنا من تشغيل المصانع واحتراف التدريب للخريجين الجدد سيحل العديد من المعوقات القائمة بين الادارة الحكومية واليد الراغبة بالعمل.