حيلٌ تكنولوجية للتغلُّب على الأمراض

منصة 2019/04/23
...

  الصباح/ وكالات
 
السكان الذين يعيشون في فقر بدون رعاية ولا ظروف صحية مناسبة، وعلى مقربة من ناقلات عدوى الأمراض مثل الماشية، هم الفئة الأكثر عرضة لخطر الإصابة بالأمراض المعدية والتي تنتشر في المناطق الاستوائية.
كما بدأت أمراض كالحصبة والسل، والتي قُضي عليها تماما قبل نحو قرن، تنتشر من جديد، وأصبحت أمراضاً معدية- يمكن علاجها مباشرة كالإنفلونزا والنوروفيروس، ومن أعراضه الغثيان، والقيء الشديد والإسهال وآلام البطن وفقدان الذوق والخمول العام أحيانا، على سبيل المثال -مسؤولة عن آلاف الوفيات التي يمكن تجنبها سنويا.
 
تكنولوجيا طبية جديدة
وظهرت لحسن الحظ تكنولوجيا طبية جديدة واعدة في مجال السيطرة على المرض والحد من انتشاره وحتى تقديم إمدادات طبية لإنقاذ حياة من يقطنون في مناطق نائية مصابة بهذه الأمراض.
وسرعان ما أصبحت هذه الابتكارات واقعاً علاجياً، من دهانات مضادة للميكروبات إلى لقاحات تُرش على شكل مساحيق ومركبات عضوية تنقلها طائرات مسيّرة.
ويمكن أن تحسن هذه الأدوات في المدى القصير معدلات النجاة بالنسبة للمرضى المصابين بالداء، أما على المدى البعيد، فربما تساعدنا على فهم وإدراك طبيعة الأوبئة المسببة للأمراض وهو أمر بالغ الأهمية لتطوير برنامج عالمي للسيطرة على المرض.
 
إنسولين بلا ألم
يُعالج الإنسان بأدوية معينة عن طريق الحقن، بيد أن الوخز المستمر بالإبر مؤلم للمرضى ومحرج لمن يتولون عملية الرعاية الصحية من أطباء وممرضين، بينما يمكن أن يؤدي نقص الحقن المعقمة في بعض المناطق إلى انتشار العدوى.
وابتكر باحثون، من معهد كوتش لأبحاث مكافحة السرطان ومستشفى بريغام وأمراض النساء في جامعة هارفارد، كبسولة يزعمون أنها يمكن أن تحمل الإنسولين بطريقة آمنة للدم مباشرة بعيداً عن عقبات الجهاز الهضمي، وهي طريقة يمكن من خلالها نقل الدواء المنقذ للحياة بدون ألم تسببه إبرة الحقن.
تطلق حبة الدواء، التي يبلغ حجمها حجم حبة الحمص، بمجرد ابتلاعها دفقة من الأنسولين عن طريق زمبرك إلى جدار معدة المريض مباشرة.
وقد يستطيع مرضى السكري النوع 1، وهي نسخة وراثية من المرض يهاجم فيه جهاز المناعة خلايا البنكرياس التي تنتج الأنسولين المنظم لسكر الدم، التحكم في حالتهم بمساعدة هذا الجهاز.
وقد نشر الباحثون نتائج دراستهم في دورية “ساينس” المعنية بالشؤون العلمية، وأوضحوا أنهم كانوا “ملهمين بقدرة السلحفاة المرقطة على إعادة التأقلم دون مجهود” وهو ما يعني أن ذراع الحبة يعرف كيف يضع نفسه بحيث أن إبرته المجهرية تكون في اتجاه نسيج المعدة مباشرة، دون تمزيق أي من تلك الأنسجة أثناء العمل.
 
طلاء مضاد للميكروبات
يصاب نحو 10 في المئة من المرضى في المستشفيات بمرض جديد أثناء فترة إقامتهم، وغالباً بعد ملامستهم لأجهزة ومعدات وأسطح ملوثة.
وينتج عن ذلك وفاة 100 ألف شخص سنويا في الولايات المتحدة لوحدها، و700 ألف شخص في شتى أرجاء العالم نتيجة الإصابة بأمراض مقاومة للدواء، بما في ذلك الملاريا ونقص المناعة المكتسبة والسل. ووصفت منظمة الصحة العالمية في الآونة الأخيرة مقاومة المضادات الحيوية بأنها “أزمة صحية عالمية”.
لذا عمدت الإدارة الأميركية للغذاء والدواء بالتعاون مع عدة شركات كبرى لصناعة الطلاء بتطوير مكونات متنوعة من المضادات الحيوية يمكن تغطية أسطح الأجهزة والإمدادات الطبية بها. واستعملت هذه الإضافات للمرة الأولى في الطلاء، ومن ثم يمكن دهن الأسطح المختلفة بهذا الطلاء ليصبح مقاوماً للميكروبات والصدأ والتخمر بمجرد جفافه. وتنتج إحدى الشركات، “بيوكوت”، طلاءً مقاوماً للميكروبات لأغراض تجارية، وهي آلية واعدة لمكافحة ما يسمى بـ”الجراثيم الكبيرة”، وهي مقاومة للميكروبات التي تلوث أسطح وأرضيات المستشفيات وتضر المرضى الذين يعانون من نقص المناعة 
أصلاً.
ومن المعروف أن نفس المواد الكيمياوية المستخدمة في المنتجات مقاومة البكتيريا، مثل المنظفات اللزجة، والمعقمات ومطهرات الأيدي التي تستخدم لتنظيف المستشفيات وتنظيف الأجهزة، تساعد عملياً على ظهور التفاعلات المقاومة للبكتيريا، بقتلها للبكتيريا النافعة والضارة على حد سواء.
 
أدوية مزيفة
يكلف النصب والاحتيال الاقتصاد العالمي أكثر من 3 تريليونات جنيه إسترليني سنويا من فساد في الشركات الكبيرة إلى الإلكترونيات المزيفة وسرقة البصمة التجارية. 
وينتشر الاحتيال وازدواجية التعامل في كل مجال تقريباً، ويشمل الرعاية الصحية أيضا، لا سيما أن بعض الدول تسجل استخدام نحو 70 في المئة من الأدوية مزيفة. وقالت منظمة الصحة العالمية في أوائل شهر آذار إن دواء اللوكيميا المزيف، والذي أُعد للتسويق في بريطانيا لكي يبدو وكأنه دواء “”Iclusig” الأصلي كان يوزع في أوروبا والأميركيتين. 
وتمكن الأطباء من تتبع آثار مكونات حبوب الفياغرا والإكستاسي في أقراص صُنعت لتبدو دواء مضادا 
للملاريا. وربما يتغير ذلك كله في القريب العاجل، بفضل فريق من باحثي “آي بي أم” الذين يعكفون على تطوير تشفير رقمي يعرف باسم “كريبتو-أنكارز”، وهو بصمة رقمية مشفرة يمكن إدماجها في المنتجات الدوائية وتكون مرتبطة بقائمة من السجلات الرقمية التي تسمى “بلوكس” والتي ترتبط ببعضها البعض من خلال بصمة مشفرة، لإثبات أنها أدوية أصلية وغير مزيفة. 
ويمكن لهذه الشفرات الرقمية التي لا تزيد في حجمها عن حبة رمل، أن تتخذ أشكالاً مختلفة، أجهزة كمبيوتر متناهية الصغر قابلة للأكل أو شفرات ضوئية يمكن وضعها على أقراص الدواء لتمييزها عن الأقراص المزيفة، وهي نفس الطريقة تقريبا التي يُحكم بها على أحجار الألماس ويوضع عليها علامات تميزها عن الألماس المزيف.