عولمة الأكاديميين من خلال سكوباس

آراء 2019/04/23
...

د.بشار قدوري *
 
ان مصطلح العالم قرية صغيرة اصبح واضحا،  وعولمة البشر والمؤسسات لجهات وشركات خاصة مثل مؤسسة كوكل والفيسبوك وامزون ايضا فاحتكار  المعلومات لهم فقط وخزن معلومات الشخصية لكل من اشترك معهم في مواقعهم حيث يتدخل الفيسبوك ويتجسس ويعرف كل شيء عنك وعن حياتك اليومية وعن المجتمعات وعن الدول والشركات.
إذن هناك عولمة للبشر وعولمة للشركات والمؤسسات مما يجعلنا نفكر بان هناك عولمة للمعرفة ايضا بتجاة جهات خارجية للسيطرة على العلوم والمعرفة والتعليم .
اما موضوعنا الأساسي هو عولمة البحوث والدراسات العلمية واحتكار المعلومات لدى مستوعب سكوباس فقط ، واود ان اشير في معرض الذكرهذين السؤالين لماذا ظهرت الان سكوباس كشيء ملزم على الاكاديمي للنشر في مجلات هذا المستوعب ؟ ، وما تاريخ سكوباس المهني ؟، لذلك يجب ان تكلم عن مؤسس سكوباس واولياته اولا .
سكوبوس هي قاعدة بيانات تحتوي على ملخصات و مراجع من مقالات منشورة في مجلات أكاديمية محكمة. و تغطي تقريبا 000 22 عنوان من أكثر من 000 5 ناشر، منها 000 20 مجلة يتم تقييمها بواسطة خبراء في التخصصات العلمية والتقنية والطبية والاجتماعية (بما في ذلك الفنون والعلوم الإنسانية) . إذن الفضل العظيم يعود للمجلة وليس الى مستوعب سكوباس وان المستوعب ليس له صله في تقييم البحوث العلمية وانما هو ادات نشر فقط ، وبدليل موقع سكوباس يمتلكها مؤسس شركة الطباعة إلسيفر الإنكليزية ، وهي شركة خاصة ومهمتها الربح اولا وهي ليست منظمة علوم او تكنولوجيا عالمية معرفية تابعة للدولة .
اليوم الأكاديمي العربي او العراقي اصبح شغله الشاغل النشر في تلك المستوعبات وترك تنمية مستوعبات ومجلات محلية او اقليمية ، وهذه الحالة سلبية جدا لعدة اسباب اهمها:
1 - اخراج البحوث والدراسات العلمية الى خارج البلد وعدم الافادة منها لدولة الناشر والباحث .
2 - اعدام وطمر المجلات المحلية وعدم اعطائها فرصة للتنافس بين باقي مجلات ودوريات العالم  المتقدم ، حيث كانت في العراق مجلات ودوريات يتنافس الباحثون العرب في النشر بها مثل مجلة المورد ومجلة المجمع العلمي العراقي.
3 - حملة ممنهجة لبقاء بحوث ودراسات دول العالم الثالث في مستويات متدنية ، وعدم اطلاع الباحث للافادة منها في الداخل .
4 - احباط محاولات البحث العلمي في الداخل وتوجة انظار الباحث الى الخارج فقط ، ما يجعل كثير من الأكاديميين يفكر بالهجرة والتدريس بالخارج .
5 - اشغال الباحث في النشر السريع في مجلة تكون مفترسة مما يعرض البحث للسرقة ، ولن يكتشفها الا بعد مرور سنة على تسليم البحث .
6 - اخراج العملة الصعبة الى خارج البلد إذ يكلف النشر في المجلة التي من ضمن مستوعب سكوباس 500 دولار تقريبا فاذا ضربنا العدد في عدد الباحثين العراقيين فقط سيصبح الرقم نصف مليون  دولار سنويا او اكثر  اذا افترضنا العدد 1000 ، اما في حالة إلزام وزارة التعليم العالي في العراق الباحث بنشر بحث واحد سنويا فان عدد التدريسين في العراق قرابه 40 الف تدريسي ضرب مبلغ 500 دولار فيصبح المبلغ الكلي هو 20 مليون دولار سنويا تخرج الى مستوعبات سكوباس وهذا يعد اخراجا لعملة
 صعبة .
لذلك نقترح الآتي بوصفه حلا للمشكلات التي ذكرناها :
1 - دعم المستوعبات الاقليمية والدولية الاخرى اولا ، ثم دعم وتطوير المجلات المحلية كملجة المورد ومجلة المجمع العلمي العراقي ومجلات الجامعات والمعاهد والمؤسسات التعليمية التابعة للوزارة التعليم العالي والبحث العلمي العراقي والزام الباحثين بالنشر فيها .
2 - استحداث قسم في مقر وزارة التعليم العالي تكون اعماله هو الرقي بمستوى الوزارة من خلال توجية النشر وإعلاء من شأن الإبداع والتميز للمجلات المحلية وعقد الاتفاقيات الدولية أو الإقليمية للنشر في مجلات عراقية تابعة لمؤسسات وزارة التعليم العالي والبحث العلمي العراقي .
3 - استحداث قسم في رئاسة كل جامعة عراقية لاجل  ان تكون مهامه متبعة نشر البحوث والدراسات والمقالات لتدريسي الجامعة مقابل اموال تستحصلها الجامعة وتعمل على انشاء دورات للباحثين وعمل نشرات دورية واعمامات للتدريسيين لمعرف مستوى المجلة وإجراءات النشر ومتابعة البحث من ناحية التقييم ونشر .
4 - استحداث شعبة في كل كلية تقوم مهمتها بمتابعة التعليمات الاخيرة من الوزارة او رئاسة الجامعة ومعرفة المجلات المفترسة من المجلات المعتمدة ، وعن رقي مجلة الجامعة في العالم وفي العراق ايضا .
في هذه السطور حاولنا ايجاز بعض الامور حول مستوعب سكوباس وماهي مضار النشر فيها وعدم الالتفات الى مجلاتنا المحلية او ايجاد مجلة جامعة مانعة لتكون منافسة للمجلات العالمية الاخرى  ، ففي العراق تصدر 263 مجلة محكمة علمية وانسانية واغلب هذة المجلات قديمة التأسيس ومنها مامضى على تاسيسها سبعون سنة واكثر كمجلة كلية الطب تأسست سنة 1936 ، ومجلة الاستاذ الصادرة عن جامعة بغداد كلية ابن الرشد وتاريخ تاسيسيها 1952 ، ومجلة العراقية للعلوم سنة 1956 ، ومجلة الاداب سنة التأسيس 1956 ، وكذلك مجلة المتحف التاريخ الطبيعي تأسست سنة 1961 ، ومجلة العلوم الزراعية العراقية تأسست سنة 1966 ، ومجلة كلية العلوم الاسلامية سنة 1965، ومجلة العلوم القانونية سنة 1969  ، مجلة الاقتصاد والعلوم الإدارية سنة 1973 والمجلة العراقية البيطرية 1977، ومجلة البحوث التربوية والنفسية سنة 1979
لذلك نصيحتي هي الاجتماع على النشر في مجلات عراقية علمية وانسانية  محكمة معتمدة . ومثل ماذكرنا سابقا ان في العراق 263 مجلة محكمة صادرة عن 55 مؤسسة أكاديمية علمية وانسانية وينشر بها مايقرب من  150 الف باحث عراقي واجنبي هذا ما يجعلنا ان نعيد طريقة التفكير الإبداعي لدى تلك المجلات العلمية المتخصصة واقترح مثلا بدل النشر العراقي يتوزع على 263 مجلة ويضعف معامل التاثير بها ويجعلها خارج التصنيفات العالمية فبذلك نستطيع التركيز على مجلتين واحدة علمية وواحدة انسانية لتكون لدولة العراق مجلتين في مستوعبات سكوباس او روترز او ثومسن ، من خلال التركز والنشر بهما ولمدة ثلاث سنوات متتالية ، وبهذه الطريقة قد وضعنا مجلات محلية عراقية تكون من ضمن مجلتان ودوريات عالمية تنافس مثيلاتها وتكون لها معامل تاثير عالي الجودة ومن ضمن المستوعبات العالمية ونساعد البلد اكاديميا ونساعد الباحث العراقي وكذلك يكون العراق متصدرا بحثيا وعلميا وياخذ دورة الريادي في ذلك المجال وتمنياتي ان يصل هذا المقال الى مسامع المهتمين والعاملين على تطوير اداء  الأكاديمي العراقي في مجال البحث والتطوير ومن ذلك يصل الى معالي السيد وزير التعليم العالي والبحث العلمي العراقي المحترم ومن الله القصد والتوفيق في مساعي جميع الاخوة والاخوات الأكاديميين من قبلي ومن بعدي.
 
*  تدريسي في الجامعة العراقية