الفاو والغاز والكهرباء

آراء 2023/05/30
...

  رعد كريم عزيز


قال ابن خلدون العلامة الخالد (كلما ضعفت الدولة اقترب البدو من المدينة), ونحن لا نبغي التخصيص ولا نمس البدو بمذمة, ولا نعطي للمدينة اكثر من عطائها, بل إن التعميم يشير إلى أن اي ضعف من اية جهة يتيح للجهة الأخرى الدخول والتدخل في شؤونها, لذا نجد أن العراق تحيق به ملفات عدة, تجعله يعيش على نار ازمات ساخنة, تشتعل في جنوبه أزمة الموانئ وترسيم الحدود المائية مع دولة الكويت, حتى تعب المناقشون من هذا الملف.

اما مع ايران فإن ملف الغاز والمبالغ الكبيرة، التي يدفعها العراق لتأمينه بسبب الحاجة الملحة لتوفير الطاقة الكهربائية, ما زال يستهلك الكثير من الأموال، وما يتبعه من التداخل بملفات سياسية معقدة تشمل المخدرات والسلاح.

ولتركيا الدور الاكبر في شح المياه وجفاف الأنهار, وتضرر الحياة الطبيعية في العراق بصورة مرعبة أثرت على الحياة الزراعية والاقتصادية, وخلطت أوراق وزارة الزراعة مع وزارة الموارد المائية.

اما سوريا التي فتحت الابواب لترحل كل ازماتها إلى الاراضي العراقية, حتى أصبحت العمالة السورية منافسا قويا في سوق المطاعم وخدمات اخرى عرفوا بها بالاتقان والحرفنة.

والمملكة العربية السعودية تأخذ دور الحاضنة لحل الازمات في المنطقة بمساهمة فاعلة من العراق. ولم تبق غير الاردن التي كانت المنفذ الوحيد الذي استطاع العراق, أن يحافظ على وجوده الحياتي ايام الحصار في تسعينيات القرن الماضي, عبر تعاونه لتأمين الغذاء والدواء مقابل النفط. ولكن يبدو ان هذا الدور اخذ بالضعف, وهنا برزت ورقة الضغط الجديدة, وهي ورقة التلويح للسماح بحزب البعث بالعمل العلني في الاردن, ترى ما الذي يمكن أن يقدمه البعث بكل ما قدمه من دروس مؤلمة في الحروب ومحاصرة انفاس الشعب والمقابر الجماعية, وقمع الاكراد واستعمال الغاز الكيمياوي, وعسكرة المجتمع, وإبدال الروح الانسانية وحياة الشباب بسيارة وقطعة  أرض. علينا أن نلتفت بعناية فائقة لهذه الملفات الشائكة, وبالطرق الدبلوماسية, واحترام السيادة لكل دولة, لإيقاف نزيف الأزمات وتجاوزها, وأعتقد أن العراق قادر على أن يكون ندا قويا امام كل جهة تضغط عليه, خاصة أنه يملك موارد طبيعية تحسده الدول عليها, ولن يكون الحل متوفرا إذا لم يتجاوز العراق أزماته الداخلية, بمحاربة الفساد بصورة جدية، وإلا فإن الأبواب تبقى مشرعة لدخول ازمات جديدة في المستقبل القريب.