الشعوب تجتمع

آراء 2019/04/23
...

د. عبد الحميد الصائح
 

ربما يبدو عنوان هذا المقال من النوادر والطرائف السياسية في زمن أُهملت فيه شعوبُ الأرض قاطبة وليست شعوبنا العربية والاسلامية المنكسرة؛ من صناعة القرار والتحكم بمصائر ومستقبل بلدانها، فبأي وسيلة تتحاور الشعوبُ سياسيا؟ ً  

ونحن نعرف أن الطرق التقليدية المعتادة لحوار شعوب الارض هي فقط  سبل المعرفة والعلم والفن والفكر والادب والتقاليد والفلكلور والاكلات الشعبية؟ الذي حدث في بغداد يوم العشرين من نيسان عام 2019 ، يغامر وسط هذه الاسئلة، لتحقيق المستحيل بالدعوة لمؤتمر قمة يجمع رؤساء برلمانات دول الجوار العراقي؛ الدول التي طالما تقاطعت مع بعضها سياسيا وأمنيا واقتصاديا؛ والتي تتطلع جميع شعوبها لأن تنعم بلدانها المتجاورة الى الأبد بالثقة والتوازن والتسويات والاتجاه معا الى مستقبل الحداثة والعلم والتكامل الاقتصادي والتفهم السياسي وتبادل الخبرات
 والمشاريع التنموية.
ولذلك فان الشعار الذي رفعه هذا الاجتماع ( العراق.. استقرار وتنمية) يمثل أمل المواطنين العراقيين جميعا ،سعياً من رئيس مجلس النواب العراقي السيد محمد الحلبوسي وهو يبادر في خطوة غير مسبوقة لعقد قمة الشعوب النادرة هذه، محاولة منه ومن كل من يعمل على انجاح المؤتمر قبل وبعد انعقاده أن يجعل الحلمَ واقعا  
وأن تلتفت الحكومات الى مقررات ممثلي الشعوب المشاركة في هذه القمة . واهمها البنود الخمسة التي أُوردُها هنا في نهاية المقال مع مقتطف من مقدمتها الجميلة التي لايختلف عليها  عراقيان مخلصان ، لو تحققت واحدة منها لاعتبر نجاحا كاملا للمؤتمر ، وذلك دور المؤسسات في هذه البلدان  لمتابعة تلك المقررات، فهذه المرة المتابعة تحت المراقبة لانها ستكون من الشعوب التي قالت ذلك في ختام اجتماعها :  
 انطلاقا من علاقاتنا التاريخية المشتركة، وتعزيزًا لعُمق علاقاتنا المجتمعية، وحرصًا منَّا على مستقبل العراق وشعبه ومستقبل شعوب منطقتنا عامة نؤكد يأتي:
أولا: يؤكد المجتمعون ى دعم استقرار العراق والحفاظ على وحدة أراضيه ووحدة نسيجه الاجتماعي، بعد أن تحقق نصره الكبير على عصابات داعش الإرهابي، ويعتبرون استقرار العراق ضروريا في استقرار المنطقة، ويسهم في عودته بكلِّ ثُقلهِ السياسي والاقتصادي وموارده البشرية الخلَّاقة إلى محيطه العربي والإقليمي، ليكون نقطة جذب والتقاء مثلما أكدت سياسته المُعلنة برلمانيًّا وحكوميًّا في الحفاظ على علاقات الجوار بمسافة واحدة مع الجميع ومن دون التدخل في شؤونه
 الداخلية. ثانيا: يؤكد المجتمعون أن الانتصار الذي حققه العراق على عصابات داعش الارهابي بات يمثل أرضيةً مشتركةً لكلِّ شعوب المنطقة؛ لبدء صفحة جديدة من التعاون والبناء ودعم الحوار المجتمعي، وصولا إلى بناء تفاهمات مشتركة على أسس جديدة في المستقبل تقوم على أساس دعم التنمية والاستثمار وبناء شبكة من العلاقات التكاملية 
بين شعوبها. ثالثا: التأكيد على أهمية دعم الاعتدال ومحاربة التطرف بكل أشكاله، لا سيما أن شعوب المنطقة هي من تدفع ثمن
 التطرف.
رابعا: يؤكد المجتمعون على دعم عملية البناء والإعمار والتنمية في العراق، وتشجيع فرص الاستثمار فيه بمختلف المجالات التعليمية والصحية والصناعية وتكنولوجيا المعلومات والثقافة وحركة التجارة والمال والمناطق الحرة ومرافق الحياة الأخرى، سواء منها في القطاع العام أم الخاص، ودعم إعادة إعمار المدن المحررة من عصابات داعش الإرهابي، وتأهيل البنى التحتية فيها بما يؤمن توفير فرص عمل لإعادة النازحين إلى مدنهم. خامسا: التأكيد على دعم العملية السياسية والديمقراطية في العراق بكلِّ مساراتها، والتي أسفرت عن إجراء الانتخابات واستكمال اختيار الرئاسات الثلاث وفق الاستحقاقات الدستورية، بما يضمن مشاركة جميع مكوناته وقواها السياسية؛ لتحقيق مستقبل زاهر لشعب العراق. بيان صريح
 واضح ملزم كهذا يؤكد أنّ العراق  حقق من خلال عقد قمة لرؤساء برلمانات دول الجوار العراقي على أرضه ضربة جزاء سياسية نفذت بمهارة ، والقى الكرة بملعب نواب هذه الدول الذين سيطالعون تفاصيل هذا البيان كلمة كلمة ، ويقرون رسميا وأخلاقياً بأن عراق اليوم بدأ جولة التطلع الى المستقبل، جولة الاستقرار والتنمية ، سيكون إنجاحها بالتاكيد مسؤولية قياداته الداخلية ،لكن ذلك يقيناً لن ينفصل عن مسؤولية دول جواره سواء في ترك ذلك من دون معوقات، او الإسهام فعليا في تِنمِية العراق واستقراره كما ورد في البيان.