أدب الحرب الأميركي

ثقافة 2019/04/23
...

 
حسين رشيد
 
إذا كانت الحرب الفيتنامية قد خلفت في أميركا شعورا مستحقا بالذنب والعار وكثيرا من الآلام النفسية، فإن بعض الأميركيين يشيرون بفخر إلى إنجازين مهمين: أولهما، الحركة المناهضة للحرب الفيتنامية التي انخرط فيها عشرات الملايين من المواطنين وقدامى المحاربين، وثانيهما، الحركة الأدبية التي رافقتها وأعقبتها وأفرزت أدبا رائعا أنتجه قدامى المحاربين في فيتنام وصوروا فيه مآسي الحرب وأهوالها وسحقها للخصال الإنسانية في النفس البشرية. من مقدمة لقصة (الأشياء التي كانوا يحملونها)، للكاتب الأميركي: تيم أوبراين ترجمة: علي القاسمي، المنشورة في العديد من المواقع الالكترونية.
هنا يستدعى الامر اكثر من وقفة الاولى لماذا لم نلمس حركة اميركة مناهضة للحرب في العراق بعيدا عن اسباب هذه الحرب واختلافها عن الحرب الفيتنامية فقي كلا الامرين ثمة حرب ودمار وضحايا من الطرفين؟ نعم هناك حركة مناهضة للحرب ضد العراق لكن ليست بمستوى مناهضة الحرب الفيتنامية كما مذكور اعلاها، وحتما الامر خاضع لاسباب شن كل حرب والغاية منها فضلا عن التطورات الاقليمية والدولية وشكل الصراعات وفي مقدمتها الاقتصادية وشكل النظام البديل ولاشك في ان للتطور التكنولوجي والمعلوماتي دورا في صناعة جبهة واسعة مؤيدة للحرب واقصد هنا الحرب اسقاط النظام البعثي المباد.
الشق الاخر والمهم هو الادب الامريكي المناهض لهذه الحرب وكم هي الجرائم التي ارتكبت من قبل القوات الاميركية ومن يعمل معها بحق المواطنين العراقيين وباعترافات اميركية، اطلعنا على اراء اعلامية و مقالات تحقيقات صحفية مترجمة ليست بعيدة عن شكل الصراع الانتخابي بين الحزبين الكبيرين الجمهوري والديمقراطي، الكثير من تلك المواد المنقولة من الصحف الاميركية تأتي حسب خطاب وسيلة الاعلام التي تترجمها وتنشرها وموقفها من الحرب، بالتالي فقدنا شيئا من المعيارية وفرصة لمعرفة تفاصيل اكثر عما يدور في الرأي العام الاميركي لكن مع ذلك ثمة ما يحسب لمن سهم بذلك واقصد المترجمين لهذه الكتابات الصحفية.
في حين ظل الادب الاميركي المكتوب عن الحرب في العراق بعيدا عن المتناول العراقي بشقيه اذ كان من يؤيد الحرب او من يناهض او من يقف في منطقة الحياد ويكتب وفق معطيات ملموسة، الادب الاميركي المناهض للحرب وان وجد فهو حتما سيكون خجولا وفق معطيات الحرب وحجم الخسائر، بل حتى قدامى المحاربين الامريكان الذين قاتلوا في العراق ليسوا بمستوى وعي قدامى حرب فيتنام، الامر الاخر كسل الترجمة في البحث عن هذا الادب ونقله الى العربية او لتخوف البعض ان يتهم بانهاء حرب اسقاط النظام، وهذا سبب قد يكون كافيا لتعذر معظم المترجمين لكن مثلما هناك مترجم صحفي نقل لنا الاراء الصحفية حسب توجه وسيلة الاعلام يفترض ان هناك مترجما ادبيا ايضا ينقل لنا ما توفر من هذا الادب الذي يمكن من خلاله معرفة اشياء واحداث وقصص في جانبي الحرب. 
وثمة امر اخر غياب الادب المحلي عن هذه الحرب وهنا ايضا ثمة خطورة كبرى فمن يجرؤ ان يكتب عن جرائم هذه الحرب يعرف التهمة التي ستوجه له، حتى لو كان من اشد معارضي النظام البعثي المباد، والورطة هنا ثلاثية الابعاد 
والخسائر.