الأفلام الواقعية والتاريخية والسيرة الذاتية

ثقافة 2023/05/31
...

عفاف مطر

لماذا يعشق جمهور السينما الأفلام المبنية على القصص أو المستوحاة من القصص الحقيقية؟ تعلم أكبر شركات الانتاج أن جملة : “هذه الأفلام مبنية على أو مستوحاة من قصة حقيقية” لها سحر كبير على الجمهور. من الجدير بالذكر أن الفيلم المبني على قصة حقيقية أكثر دقة من الفيلم المستوحى من قصة حقيقية، ففي الأخير يترك مجالاً أوسع للمؤلف في تغيير بعض التفاصيل وإضافة بعض الأحداث أو الشخصيات. فيلم كابتن فيلبس الذي قام ببطولته توم هانكس لا يروي القصة الحقيقية كما هي، إذ في الفيلم نرى الكابتن فيلبس هو البطل الذي أنقذ الناقلة من القراصنة الصوماليين لكن الحقيقة أن فيليبس هو سبب تعريضها لخطر القرصنة وكانت هناك الكثير من المشكلات بينه وبين الشركة المالكة للناقلة أهمها عدم التزامه بالبروتوكلات، كما شهد أعضاء الطاقم الذين عملوا معه أن تعرضهم للقرصنة كان بسبب تصرفاته غير المسؤولة. الآن نأتي إلى الأفلام المبنية على الأحداث الحقيقية؛ ففي هذا النوع يؤخذ حدث معين وتبنى عليه قصة خيالية وشخصيات وربما مكان وزمان مختلفين. من مشكلات الأفلام المبنية على قصص حقيقية أنها تروى من وجهة نظر أحادية في حين يكون للطرف الثاني قصته التي يرويها بشكل مختلف وربما معاكس وأكبر مثال على ذلك أفلام الحروب. تعرضت شركة أم جي أم سنة 1932 لمشكلة قضائية بسبب فلم (Rasputin And The Empress) بسبب تصويره الأميرة ناتاشا وهي تتعرض للاغتصاب فرفعت قضية ضد الشركة بتهمة التشهير وكسبتها، لذا بدأت شركات الانتاج تضع عبارة “جميع الشخصيات والأحداث من وحي خيال المؤلف وأي تشابه هو من باب الصدفة” وذلك لإخلاء مسؤوليتها القانونية. نأتي الآن إلى أفلام السيرة الذاتية والمذكرات، أولاً علينا أن نفرق بين (الـ BIOGRAPHY و الـOUTOBIOGRAPHY ) الاوتوبايوغرافي هي السيرة التي يكتبها صاحبها بنفسه مثل فيلم Malcom x المبني على السيرة التي كتبها مالكوم بنفسه، أما البايوغرافي فهي السيرة التي يكتبها الآخرون عن شخصية ما، مثل الأفلام التي عرضت سيرة حياة مارلين مونرو أو الملك فاروق أو شكسبير وغيرها كثير، هذه الأفلام بنيت على المعلومات الواردة في الكتب والأبحاث والدراسات وشهادات بعض الأشخاص الذين عاصروا تلك الشخصيات، أما المذكرات فهي تركز على أحداث معينة في حياة شخص ما وليس حياته كلها. هناك أيضاً الـ BIOPIC كالأفلام التي تروي سيرة أبطال رياضيين أو شخصيات سياسية أو حتى مجرمين. لا يجب أن تؤخذ الحقائق من الأفلام التاريخية فهي في النهاية صناعة وهناك مؤلف لديه خيال وهناك ضرورات درامية تتطلبها الحبكة، لذا لا يجب على الجمهور محاسبة صنّاع الفيلم على بعض الأخطاء أو الأحداث، الحقائق التاريخية موجودة في الكتب والأفلام الوثائقة، لكن من حق الجمهور محاسبة صنّاع فيلم تاريخي على أخطاء وردت فيه في حالة واحدة فقط إن كتب في بداية الفيلم أنه مبني على قصة حقيقية. بالإضافة إلى فيلم الكابتن فيلبس هناك الكثير من الأفلام وقع صنّاعها في الأخطاء مثل الفيلم الشهير Sound of Music مبني على مذكرات ماريا التي تزوجت القبطان البحري وهربت من الغزو النازي إلى النمسا ومن ثم سويسرا، من الأخطاء في هذا الفيلم تغيير أعمار أطفال القبطان وحذف شخصيات معينة وتاريخ زواجها من القبطان.في فيلم ماري إنطوانيت نرى ألواناً لثياب العديد من الشخصيات لم تكن موجودة في الحقبة التاريخية التي عاشتها إنطوانيت. فيلم Braveheart لم يكن بطل القصة الحقيقية فقيراً كما ورد في الفيلم بل كان من طبقة النبلاء كما لم تحمل إيزابيلا الفرنسية منه كما ورد في الفيلم. فيلم Alexander تم رفع قضية من محاميين يونانيين على صنّاعه لأنهم دمجوا ثلاث معارك في معركة واحدة وصوروا الاكسندر ثنائي الجنس وهذا غير حقيقي لكن تمت التسوية بين الطرفين قبل المحاكمة. من الأخطاء التي وردت في فيلم A Beautiful Mind  تصوير البطل وهو يعاني من هلاوس بصرية وهذا غير حقيقي لكن الحقيقي أنه كان يعاني من الفصام في الشخصية فقط، وهناك أفلام كثيرة تحتوي على أخطاء تاريخية. في النهاية عزيزي القارئ ليس عليك أن تأخذ أي فيلم وكأنه وثيقة تاريخية فهذا ليس دور الفن والسينما أبداً.