ريسان الخزعلي
( 1 )
في مجموعة الشاعر المبدع طارق حسين – مالم يقله ُالبهلول – الكثير من الاختزال الفني الذي يُفضي الى كثافة المعنى ، الكثير من التعريفات الشعرية التي تُبرق الدلالة ، الكثير الذي يُشير الى الخصوصية في القول . والخصوصية هنا متعالقة مع تكوينه الشعري الاساس ، فهو شاعر شعبي عُرف َ بقصائده القصيرة ذات التوتر الايقاعي الصادم ، وبذلك يكون قد حقق تواشجاً بين اللونين ، وقطف َ فن التعريفات الشعرية – القصيدة القصيرة نثراً . وفي سابقة تُسجّل له ، انه لم يضع المعرّف به عنواناً للتعريف ، وانما يجيء في نهاية التعريف :
تموت ُ واقفة ً
كي لاترى يوماً فأسَ الحطّاب .
الاشجار
.....،
وحده ُ يعرف ُ سرَّ الهزيمة ِ
وأين َ يرقد ُ جثمانه ُ .
الجندي المجهول
...،
كلّما
راقصتها الرياح
أمطرت لنا الحلوى .
النخلة
( 2 )
مالم يقلْه ُ البَهلول ، هكذا جاء العنوان الذي أخذ اسم قصيدة متميزة في المجموعة ، وقد استخدم الشائع المتداول ( البَهلول ) ، الّا انَّ ( البُهلول ) هو الأصل تأريخيّاً . والبهلول شخصية عبّاسية ، ادّعى الجنون تخلّصاً من العقوبات المترتبة على ما يُبديه من تهكم وسخرية وطرافة ضد الخلفاء العباسيين رغم انه من السلالة ذاتها. والشاعر يبدو لي تمثّلَ الحالة المضادّة ، حالة الصحو المغايرة ، حالة البهلول الجديد :
اللّهمَّ ..
ارحم ساستنا
وخُذ بأيدي الأخوين
وارزقهم خازوق السلطان .
( 3 )
قصائد الشاعر المختزلة ، تقوم على سرديّة شفّافة في معظمها ، سرديّة خاطفة ، تخطف الدهشة واللذة المستترة في النثر بصناعة فنية جمالية وتضعها في الاستقرار الشعري الذي يقطف الدهشة الاكبر :
ثلاثين َ عاماً
اضاع َ من عمره ِ
بينَ بائعات الهوى
وأسئلةٍ لم تفتح له بابَ الوصول ِ الى عرش ِ الله .
...،
لعلّه ُ امضى ليلته ُ الأخيرة من رحلته
عبر َ شريط ٍ من الاحداث
لم يستيقظ فيها على صوت ِ الديك .
*.. سخرية الشاعر ، البهلول الجديد ، تختزلها قصيدة ( ما لم يقله البهلول ) ..، وهي علامة وعي في مدركات الشاعر حين يواجه ايقاع الواقع الغريب على تطلعاته وأحلامه :
هاقد بدأ الحفل الآن ..،
والأميرة غير أبهة بما يجري من حولها
فهي منشغلة برقصة الفلامنكو على ايقاع الهيوه
والبصرة الان..،
تراقب حركة السفن المحمّلة..،
بالنفط المهرّب باسم الدين ، وانا أُحصي اخطائي .