الحرير أم التنمية؟

آراء 2023/06/01
...

 د.عبد الخالق حسن


لم يتعرض بلدٌ في العالم إلى تخريب ثرواته وتعطيلها واستثمارها في العبث والعدم، مثلما حصل مع العراق، حين ساقت لنا الاقدار عصابةَ البعث التي تسلقت على ظهر العراق لسنوات، ووظفت خيرات العراق وموقعه في الشرور بكل تفاصيلها. لذلك، تعطلت التنمية، وجرى نخر النظام الإداري وتدميره بالروتين والفساد، وصولاً إلى اللحظة التي انهار فيها النظام الدكتاتوري، لنستفيق على حجم الخراب الذي كبَّل العراق لسنوات طويلة.

ومع كل المخلفات الضارة التي تركتها حقبة الدكتاتورية في جسد العراق، كانت المحاولات بعد ٢٠٠٣ تحاول إصلاح الأساسات التي تقف عليها الدولة. وعلى الرغم من كل الملابسات التي حدثت، وسوء الإدارة، واستشراء الفساد، لكن السياقات العامة لم تخلُ من محاولات مخلصة وأمينة في سبيل انتشال العراق من مستنقع الانهيارات السابقة.

ومع ما مر من سنوات ما بعد سقوط النظام الدكتاتوري المباد، يتضح أن أساس إعادة تأهيل العراق، وتخليصه من سموم الخراب، يكمن في القيام بعملية إصلاح إداري شامل لايستثني أي مفصل من مفاصل الجهاز الإداري الذي يدير الدولة.لأنَّ العمل وفق منطق النظام الإداري الموروث يجعل مهمة النهوض بالواقع العراقي بطيئة وغير ملموسة النتائج.

من بين طرق الإصلاح المهمة هو تنويع مصادر الثروة العراقية، واستثمار أرض العراق وسمائه، والاستفادة من موقعه لتعظيم مصادر الدخل الأحادية التي تمثل خطراً لايجب التهاون في التعاطي معه وإيجاد الحلول الجادة له. ولعلَّ الخطوة الأخيرة التي مضت بها الحكومة، والتي ذهبت باتجاه إطلاق مبادرة طريق التنمية، هي خطوة ذات أبعاد مهمة مادياً ومعنوياً، فعلي الصعيد المادي، سيكون العراق ممراً يربط الشرق بالغرب، وتستوطن فيه صناعات متعددة تجعل من العراق محطةً جاذبةً للاستثمارات العالمية. أما في الجانب المعنوي، فإن المبادرة هي الأولى التي يطلقها العراق بهذا الوزن الكبير، الأمر الذي جعل الكثير من دول المنطقة تأتي بلا تردد للمشاركة في هذا المشروع الواعد.

وبموازاة العمل على هذا المشروع، انطلقت صيحات من مختلف الفعاليات تدعو إلى ترك المشروع والالتحاق بمظومة طريق الحرير، حتى أن بعض النواب تبنوا هذا الأمر وأطلقوا على أنفسهم، (نواب الحرير). ولكلا الفريقين طبعاً حججه ودفاعاته التي يعمل عليها في سبيل الحصول على خط سير يمر بالعراق ضمن مشروع الحرير.

وفي الحقيقة، إنَّ كلا المشروعين مهمان للعراق. لذلك لا ضير ولا بأس، سواء التحق العراق بالحرير أم انشغل بطريق التنمية، فإنَّ المهم هو أنَّ كلَّ الطرق تمر بالعراق.