محمد حسن الساعدي
تجري مراكز بحثية تحقيقات عن مدى الخسائر البشرية والبيئية، الناتجة عن عمليات حرق الغاز الأحفوري في العراق مع التركيز على التدمير الناتج عن الحرق، حيث يتم إطلاق غاز الاحتباس الحراري القوي ثاني أوكسيد الكاربون بأكثر من 80 مرة مما هو موجود في الغلاف الجوي عن عمليات حرق الغاز، ما يعني أن العراق هو المسؤول عن ثاني أكبر حرق للغاز في العالم.
الاحتراق يطلق ملوثات سامة تضر بصحة الانسان منها مادة مسرطنة للانسان يمكن أن تتسبب بامراض»اللوكيميا»، حيث تشير التقارير الصادرة عن وزارة الصحة العراقية إلى ارتفاع نسبة الاصابة بالسرطان في البصرة بنسبة 20% بين عامي 2015 و2018، وتحدث التقرير السري أن حالات الاصابة بالسرطان في المنطقة الجنوبية أعلى بثلاثة أضعاف من الارقام التي يتم الكشف عنها وتداولها في وسائل الاعلام.
الحكومة العراقية أعلنت بصورة رسمية عن وجود صلة بين التلوث الناتج عن الاحتراق وبين الامراض السرطانية المنتشرة في العراق، وبزيادة لافتة وخطيرة تنذر بوجودة ازمة حقيقية في انتشار الامراض السرطانية في البلاد.
عمليات الحرق الممنهجة تعد ازمة عالمية لها حلول قابلة للتطبيق، وينبغي على الحكومة الانتقال إلى ما هو أبعد من مجرد الاعتراف بالمشكلة إلى ضرورة سن قوانين صارمة لتقييد عمليات الاحتراق بشدة، ووضع آليات واضحة من أجل توفير الخدمات الصحية المناسبة للمجتمعات المتضررة من عمليات الحرق الملوثة للبيئة العراقية ووفق القانون العراقي النافذ.
إن الزيادة في انبعاث المواد المشبوهة ومنها الاحتراق الاحفوري، تسببت بزيادة أمراض السرطان في البلاد، وإن هذا الارتفاع جاء نتيجة لعدم إيلاء هذا المرض الاهتمام الكافي من قبل السلكات المختصة، سواء من خلال توفير المستشفيات التخصصية والعلاجات اللازمة من مناشئ معروفة.
الشيء المهم على الحكومة العراقية أن تعتمد الاساليب الحديثة معالجة الضرر الناتج من عمليات الحرق، والانتقال بعيداً من الاستخدام الجائر للوقود الاحفوري، خصوصاً أننا نسمع التصريحات الاعلامية للمسؤولين في كل المناسبات عن خططهم لايقاف حرق الغاز والاستفادة من عائداته، بدل تحمل العواقب الاقتصادية والصحية جراء حرقه.
ارتفاع أعداد الوفيات المستمر في البصرة والعراق عموماً، يمثل حالة مأساوية ولكنها متوقعة، خصوصاً مع هذه الزيادة الخطيرة في أعداد الوفيات، والتي نأمل أن تختفي هذه الشركات النفطية في المستقبل وتقييد عمليات الحرق للغاز، وتتوقف عمليات الانبعاثات الغازية من الآبار النفطية، وأن تستخدم الوسائل الحديثة في عمليات الحرق، واستغلال الغاز المصاحب بدلاً من إحراقه.