طريق التنمية و {جهيزة} الصينيَّة

آراء 2023/06/05
...

 حمزة مصطفى


مع أن الصين على لسان سفيرها في بغداد تولت دور "جهيزة" في قطع خطاب القوم المتشدد، حيال طريقي الحرير الصيني والتنمية العراقي، لكن الجدل لم يتوقف ويبدو أنه لن يتوقف.

السفير الصيني ولدى لقائه رئيس الوزراء محمد شياع السوداني أشاد بعكس مؤيدي الصين بالعراق بطريق التنمية والأهم إنه عده مكملا لطريق الحرير. 

لكن السؤال هو.. هل سيتوقف نزاع القوم بعد أن تكون جهيزة الصينية قد قطعت قول كل خطيب؟

الجواب لا بالتأكيد.

لماذا؟

لأن الهجوم على الطريق لا علاقة له بالصين وحزامها وحريرها، إنما له علاقات بسياقات أخرى. 

قسم من هذه السياقات يبدو موضوعيا بحثا عن الحقيقة لأن الناس أعداء ما جهلوا، في حين يبدو القسم الآخر وكأنه لا يريد للعراق أو للحكومة الحالية على أقل تقدير أن تبني مشاريع كبرى، لهذا السبب أو ذاك دون الدخول في التفاصيل. 

مع ذلك وبصرف النظر عن الدوافع والقناعات، فإن الجدل والنقاش وتصادم الأفكار والقناعات في مشروع عملاق مثل هذا، يبدو إلى حد كبير أمرا طبيعيا. 

بل إن غير الطبيعي أن يمر مثل هكذا مشروع مرور الكرام، وكأننا نفتتح طريقا مغلقا في أحد أحياء بغداد. 

الأمر ليس كذلك، ولأنه كذلك لا بد أن يثير عاصفة من الجدل والنقاش، شريطة أن لا تصل حدودا غير مقبولة في حدود قبول الفكرة من عدمها. 

وبالعودة إلى ما عبر عنه السفير الصيني خلال لقائه رئيس الوزراء ومن قبله وزير النقل، فإن من الواضح أن ليس هناك تقاطع بين المبادرتين الصينية والعراقية.

في هذه الحالة يكون من المفترض أن يقتنع المدافعون عن طريق الحرير الصيني، أن الصين نفسها غير زعلانة ولا ممتعضة، بل بدا موقفها مفاجئا لجهة التعامل مع الأمر من منطلق مصلحتها الاقتصادية لجهة تشجيع الطموح العراقي. 

وهذا يعني أن من شأن هذا التأييد الصيني إنهاء الجدل الخاص بشأن ما إذا كان خروجنا من طريق الحرير الصيني ودخولنا في مشروع جديد "على كدنا" اسمه طريق التنمية ألا يثير جدلا من حيث صلب الفكرة، بل يمكن أن ينصرف إلى أمور أخرى مهمة أيضا مثل الجدوى الاقتصادية له، أو مداه الزمني، أو أسلوب بنائه، وكذلك دور الشركات والمستثمرين، العمالة الوطنية والعمالة الأجنبية، المدن والمنشآت التي سوف تقام على جانبيه على مسافة 1200 كم. 

وربما يمكن أن تطرح عند دخول المشروع حيز التنفيذ أسئلة أخرى كثيرة بعيدا عن حبنا للصين أو كرهنا لها. 

الصين لاتحتاج إلى من يدافع عنها، كما لا تقف كثيرا حيال من يعاديها أو يتمرد على حزامها أو حريرها. 

الصين معنية بالدرجة الأساس بمشاريعها ومبادراتها وخططها الرائدة في كل شيء في عالم جديد، كل المؤشرات تقول إن الصين سوف تكون في مقدمته.. تناقشنا أو لم نتناقش. 

كتبنا أو ما كتبنا.. "سوينا طريق أم ما سوينا".