رضا المحمداوي
كنتُ في وقفة نقدية سابقة، قد توقّفتُ عند اليوم الأوَّل لمهرجان أيام السينما العراقية، الذي نظمته دائرة السينما والمسرح، للمدة من 11 إلى 14 من شهر آيار الماضي، وتضمن حفل الافتتاح عرض ثلاثة أفلام، هي على التوالي فيلم "موسيقى المطر" لمؤلفه صلاح القصب ومخرجه رياض شهيد، وفيلم الـ (أنيميشن) "ملاك" للمخرجة إيمان الفارس، والختام كان مع العرض الخاص للفيلم السوري "الحكيم" للمخرج باسل الخطيب وتمثيل دريد لحام وصباح الجزائري.
واليوم أستكملُ المتابعة النقدية المتواضعة لأفلام ووقائع المهرجان، التي شهدتْها بقية الأيام السينمائية، ويمكنُ تقسيم إجمالي الأفلام المعروضة، إلى ثلاثة أقسام رئيسة، من حيث النوع الفني، وجهة الإنتاج وسماتها العامة، أولها الفيلم الروائي القصير ومعظم، إنتاجاته كانت من قبل دائرة السينما والمسرح نفسها، وهي الجهة المنظمة للمهرجان، في حين شاركتْ وساهمتْ بعض الجهات الأخرى في إنتاج الأفلام المعروضة، منها كلية الفنون الجميلة، وبلغ العدد الإجمالي لهذا النمط من الأفلام عشرة أفلام، وهي فيلم" الخط الأسود "لعدي عباس الذي حصل على الجائزة الثانية للمهرجان، وفيلم "ألمانيا عالسريع" لياسر موسى، و"عتبة" لأحمد البغدادي، و"غرفة ساندي بيل" لحسن العزاوي، وفيلم "نجلاء" لحليم زهراوي، و"ميشغان- باب الأغا" لجميل النفس، و" إسكافي الجنة" لحيدر حسين، وفيلم "سكرة" لمحمد عبد الأمير، و"هرمون" لسامر سالم، إضافةً إلى فيلم الافتتاح "موسيقى المطر".
أمّا القسم الثاني فكان من حصة أفلام التحريك (الأنيميشن) وتم عرض ستة أفلام من هذا النوع من الأفلام القصيرة بمواصفاته الفنية وخصوصية توجهها وهي:
"سكيتش" لعدي عبد الكاظم، وفيلم "شيرين" لزيد شكر، و"استمرارية" لمحمد فوزي، و"حلم على الحائط" لأياد العيداني، والذي حصل على الجائزة الثالثة للمهرجان، و"سنارة" لأزهار علي.
أمّا القسم الثالث فيشمل الأفلام الكردية- العراقية وبلغ عددها ستة أفلام، وهي فيلم" كجي با" لدانا كريم، و" آي دو أو" لسامان مصطفى، و"صوت من بعيد" لشاخوان عبد الله، و"تسجيل" لهوراز محمد،" 122" لكاريموك، و"البيت الفارغ" لآكو عزيز.
وعملية عرض هذه المجموعة، من الأفلام الكردية العراقية، أعادتْ إلى الأذهان ما جرى في مهرجان السينما العراقية في العام الماضي، حيث تمَّ عرض مجموعة من الأفلام الكردية العراقية، لكنها بقيتْ ناطقة باللغة الكردية ومترجمة إلى اللغة الانكَليزية، بدون ترجمة أو دوبلاج باللغة العربية، أو اللهجة العراقية وهذا خلل كبير، يعيق تواصل وتفاعل الجمهور العام، مع هذا النوع من الأفلام، حيث تقف اللغة الكردية، حاجزاً بيننا وبين تلك الأفلام وموضوعاتها، وقد تكرّرتْ هذه الحالة في أكثر من محفل، أو مهرجان سينمائي حتى أصبحتْ ظاهرة لصيقة بالأفلام السينمائية الكردية العراقية، ولذا أصبح لزاماً على دائرة السينما والمسرح وإدارة المهرجانات السينمائية الأخرى، أن تولي أهمية خاصة لهذا الجانب وتشترط الترجمة، أو الدبلجة إلى اللغة العربية، أو اللهجة العراقية، كشرط لقبول المشاركة في مثل هذه الفعاليات، أو العرض العام للجمهور، وإني لأعجبُ، هنا، كيف يفوز أحد هذه الأفلام بالجائزة الأولى للمهرجان؟!.
وقد رافقتْ عروض هذه الأقسام الثلاثة الرئيسة لأفلام المهرجان، ظاهرة سينمائية على صعيد التنظيم، وجدول العروض ومن ثم الدخول في المسابقة الرسمية، وتتمثل لنا تلك الظاهرة في اختلاط الأنواع، أو الأنماط أو الأجناس الفنية وتزاحمها في ما بينها، سواءٌ في العروض وتواليها وتتابعها، أو في اشتراكها جميعا وفي وقت واحد، للتنافس في أبواب وفروع المسابقة الرسمية لجوائز المهرجان، في حين أنَّ الضرورة الفنية، من حيث الفرز والتصنيف وكذلك في جدول العروض، يستدعي قيام مسابقة خاصة لكل نوع من تلك الأفلام، بعناوينها وهويتها الفنية المتميزة، لتحدد بعد ذلك الجوائز لكل تخصص، أو جانب، أو عنوان فني، قد دَخَلَ في صناعتها وإنتاجها، وعلى نحو مستقل، وذلك من أجل مراعاة الجوانب الموضوعية، والتقييم الفني المنصف والعادل، للحيلولة دون الوقوع في دائرة التخبط، واختلاط المعايير والمقاييس الفنية المعتمدة في التصنيف والتقييم والترشيح للفوز بالجوائز.
وقد طغتْ وبحضور فكري واضح، موضوعات الطفولة ومعاناتها وطموحاتها وأحلامها، على العديد من أفلام المهرجان، إضافةً إلى موضوعة الحرب الحاضرة الدائمة في الأفلام العراقية بصفة عامة.
ويبقى التفاوت في المستويات الفنية والإخراجية، قائماً بين الأفلام المعروضة مع الاختلاف الواضح، في مستوى النضوج الفني، وطرح الرؤى الإخراجية والمعالجة الدرامية لتك الأفلام.
وفضلاً عن الجوائز الثلاث الرئيسة، التي ذكرتُها مع ملاحظة ظاهرة الاختلاط، وعدم اعتماد الدقة، والخصوصية الفنية في منح تلك الجوائز، فإن الضرورة تقتضي الإشادة بأفلام أخرى، تستحق جوائز خاصة، أو الإشارة، أو التنويه إليها على نحو خاص، وأبرزها فيلم "ميشغان- باب الأغا"، و"غرفة ساندي بيل".