أ.د.جاسم يونس الحريري
تسلم السيد محمد شياع السوداني مهام عمله كرئيس لمجلس الوزراء في ظل بيئة شعبية ناقمة على الاداء الحكومي، وساحة ممتلئة بالمشكلات الاقتصادية، والاجتماعية، ونفور شعبي عام بما قدمته الحكومات السابقة من خدمات ضعيفة في ظل ساحة أقليمية ودولية متوترة، وتنافس أمريكي- صيني، وأجندات اسرائيلية لفرض وجود الكيان الاسرائيلي والقبول به، وهذه الصورة الدراماتيكية، تحتم إثارة تحديد هوية حكومة السيد السوداني، الذي حدد بعض ملامحها، إذ يركز على مفردة (حكومة خدمات)، وضرورة تطبيق هذا الشعار في كل مفاصل الدولة، ومؤسساته الحكومية، وقد لمس المواطن العراقي ذلك عندما يراجع دوائر الدولة بمختلف مسمياتها المدنية والعسكرية، فهو لا بد أن يشاهد الوزير، أو مدير الدائرة يتفقد أحوال المواطنين، وهو يراجع أقسام وشعب الدائرة المعنية، وكيفية تعامل الموظفين المواطنين أثناء المراجعة لمعاملاتهم، فضلا عن ذلك وضع السيد السوداني خارطة عمل للوزراء لتكون مقياسا لبقائهم في المنصب من عدمه، أولها أسس ركيزة أن يكون الوزير مستقلا عن توجهات الكتلة السياسية التي ينتسب اليها، وأرسل رسائل إلى جميع الكتل السياسية، خلاصتها: أن نجاح أداء حكومته لخدمة المواطن يتوقف على ضرورة الابتعاد عن الضغوطات والاملاءات السياسية والحزبية لانجاحها، فضلا عن ذلك يحاول السيد السوداني خلق صورة جديدة في تصورات المواطن البسيط، خلاصتها: أن الحكومة الحالية تخوض تجربة حكم جديدة بكل المقاييس في ثنائية مشتركة، وهي العمل الدؤوب، وشفافية التعامل معه، وأنها تختلف عن غيرها من الحكومات السابقة بالجدية، ومكافحة أخطبوط الفساد الحكومي، ودعم الجهات الكاشفة للفساد في أجهزة الدولة، وهي (هيئة النزاهة)، التي استرجعت للدولة مليارات الدولارات بعد استعادتها في حملة كبرى لملاحقة الفاسدين، ونشر هذه العمليات وجعلها متوفرة للجمهور لزيادة الثقة بأجهزة الدولة، وجعلها تضرب بيد من حديد لكل من يستغل منصبه الإداري، لأغراض شخصية، واستخدام أسلوب تغيير في المناصب وفق تقييمات موضوعية ودورية، وازاحة العناصر التي تثبت فشلها في العمل الاداري، فضلا عن ذلك يحاول السيد السوداني أن يطرح في لقاءاته مع مسؤولي دوائر الدولة معاناة المواطنين، بدون رتوش ومجاملة وجعل المواجهة مباشرة مع المسؤولين أمام الجمهور وجه لوجه، بدون مصادمات مع الكتل السياسية والخوض في خلافات معها قد تعرقل من مخططات الحكومة في الاصلاح الاداري وتنفيذ المشاريع الكبرى، ومنها مشروع القناة الجافة لميناء الفاو الكبير (طريق التنمية)، الذي سيوفر آلاف فرص العمل للشباب والعاطلين في انتقالة اقتصادية كبرى للعراق، لم يشهدها العراق منذ 50 عاما مضت وهو مشروع خط بري، وخط سكك حديد يصل الخليج بالحدود التركية، والذي يعول عليه ليصبح خط نقل أساسيا للبضائع بين الشرق الأوسط وأوروبا، بالتعاون مع دول في المنطقة، هي قطر والإمارات والكويت وعُمان والأردن وتركيا وإيران والسعودية وسوريا.