سد المحاصصة ينهار في الموصل

آراء 2019/04/23
...

نوزاد حسن
   دعوني اولا اشبه المحاصصة السياسية بسد عملاق صنع لغرض واحد هو:ان تحجز كل احداث السياسة الى باطن هذا السد.ولا تخرج الا ضمن قانون واحد تحكمه المنفعة.اما حراس بوابات هذا السد فهم سياسيو المحاصصة الذين يعرفون كيف يوزعون نهر الاحداث السياسية التي يكون مصيرها الى اعماق سد المحاصصة العميقة.ويعرفون ايضا كيف يتركون هذا المنصب او ذاك يذهب لهذه الجهة دون تلك ، باختصار:السد
 يعمل جيدا.
  منذ سقوط النظام السابق ونحن نتحدث عن المرض الغريب,ويتحدث السياسيون من ان المحاصصة هي المشكلة الكبيرة التي تواجه النظام السياسي.تعني المحاصصة تقسيم المناصب الى حصص.ولا يمكن لاحد ان يحصل على شيء من دون ان يعطيه ختم المحاصصة اذنا بالعبور الى المنصب.وفي هذه الايام بدأت اشعر باننا حين تحدثنا عن هذه الكلمة الغامضة لم نكن نعرف انها اكثر خطرا مما كنا نظن.
  كنت اعتقد ان المحاصصة مزاج سياسي مولع بالحصول على الامتيازات فاذا بالمحاصصة اسلوب في التفكير ويرتبط بالهوية.حين يقول احد النواب ان هذا المنصب هو من حصتي فهذا يعني انه يتحدث عن طريق تفكيره,واحساسه بهويته.الان اعرف كم كنا غير دقيقين حين اعتقدنا ان المحاصصة ستنتهي لانها مزاج لن يطول كثيرا.ولعل ما جرى في الموصل من احداث متسارعة هو ما جعلني اتوقف اكثر من مرة ليس عند مفردة المحاصصة وانما عند تلك الصدمة التي حصلت في الموصل بعد غرق العبارة. اولا لا بد من القول ان محافظ الموصل المقال مع اثنين من نوابه كانوا الحلقة الثانية من هذه التغييرات المهمة.بلا شك لم يكن احد يتخيل هذا السيناريو الصامت كفيلم لشارلي شابلن.سيناريو ظهر على السطح بعد الهياج الشعبي الذي اعقب غرق العبارة ووفاة اكثر من 120 شخصا غرقا في نهر دجلة.لذلك يمكن القول ان المحافظ هو ايضا غرق رمزيا في امواج دجلة التي حملت الضحايا الى مصيرهم.ولكي تقنع الحكومة الشارع الموصلي ،عين السيد عبد المهدي شخصا اكاديميا مهنيا هو مزاحم الخياط رئيسا لخلية الازمة.قد يرى البعض هذا التعيين غير قانوني,لكنه من الناحية العملية مهم جدا لانه اعاد للموصليين بعض هدوئهم الذي تفجر غضبا بعد حادثة
 العبارة.
  اذن بعد كل هذه الاحداث التي تتسارع ،علينا القول ان كل ما شاهدناه من تفاصيل جرت في الموصل تعني ان سد المحاصصة الحصين لم يستطع ان يصمد فانهار واغرق المحافظ,كما وضع مجلس المحافظة امام تساؤلات عن اهلية مثل هذا المجلس مع الاشارة الى من عمل منهم بنوايا صادقة.
  لذا فقد تدفقت امواج السياسة خارجة عن بطن سد المحاصصة الى المدينة فحدث ما شاهدناه من تغييرات.ولا ابالغ لو قلت ان الدكتور مزاحم الخياط تموز اخر نهض من
 ركام مدينة محترقة.