مغادرة شرعيَّة

اسرة ومجتمع 2023/06/10
...

سعاد البياتي

 في حادثة لا أعدها غريبة، لأنها تسود مشاعر أغلب الاسر التي غادرتها احدى بناتها للزواج، فاليوم الذي جاء عريس ابنتي لأخذها إلى بيت الزوجية لم أتمالك نفسي، وصرت أبكي بحرقة وكأنه اقتطع جزءاً من قلبي، ظننت أنها سترحل دون عودة، حالة لا يمكن وصفها حينها، بدت لي كل أيامي بلا طعم ولا فرح، فابنتي حنين هي الوحيدة، ولطالما كانت بمثابة الصديقة المقربة لي نتبادل أطراف الحديث معا، بطعم قهوتها التي تتشابك مع رقة تقديمها، نضحك على الفيديوهات، التي ترد إليها عبر السوشيل ميديا، ونخرج سوية للتسوق أو النزهة، ايام جميلة قضيناها معاً، بقيت في زوايا الذاكرة تشعرني بالوحدة والاكتئاب احياناً للفراغ الكبير الذي تركته في البيت.
فالمرحلة التي تخرج البنت من بيت والديها هي الاشد حساسية، وليس بالأمر السهل، حتى بدا التـأقلم مع الوضع الجديد يأخذ شكله الطبيعي، ويصبح من الامور الاعتيادية، وهذا دليل على عمق الروابط الاجتماعية التي تحل في عالمنا العربي والمحلي بشكل خاص، وبالطيبة العراقية الاصيلة، التي أخذت بعداً اجتماعياً لا يمكن تجاهله في اغلب المناسبات والحوادث، التي تمر علينا وتجعل من عالمنا اسيراً للعادات والتقاليد.
ففي علم النفس والاجتماع يعطون دلائل ودراسات على هذه الحالة، ويصفونها بالطبيعية والمتماشية في البيوت، جراء الشعور الايجابي تجاه تزويج البنت ورحيلها إلى عش زوجيتها، اذ تعم اجواء السعادة لافراد الأسرة بداية، وهذا دليل حسب وصفهم على حالة اللاشعور في نجاح مجريات الحياة، ورسالة الوالدين في تربية أبنائهم بشكل يستحق الامتداد في التزويج.
 ومن الطبيعي حدوث تبعات نفسية على الوالدين، كما يعبرون عنها، جراء الشعور بابتعاد بناتهم عنهم، ولكن هناك شعورا إيجابيا آخر يتمثل في غايات مفرحة مستقبلا حال تزويج أحد أبنائها، كولادة الأحفاد وأعياد الميلاد وغيرها من المناسبات، التي تأتي لاحقاً ليشكل زمناً اسعد من قبل، وهذا بحد ذاته يجعل الحياة اشد سعادة وجاذبية، وبالامكان حلول آمال جديدة تنعش نفسية الوالدين، وتغير مجريات الامور إلى وضعها الطبيعي، وربما تزداد الأواصر الاجتماعية اكثر من ذي قبل، من خلال الزيارات، بين البنت واهلها لتخللها ولادة احفاد يكونون أعز من ولد الولد .