{التكامل الاقتصادي} الإقليمي.. بوابة العراق للاستقرار

العراق 2023/06/14
...

 بغداد: حيدر الجابر

يتفق الجميع على أن الاقتصاد هو المحرك الأساس للسياسة، وأن التفاهمات السياسية هي نتيجة لتفاهم اقتصادي سابق، ولخص مراقبون أزمات العراق بأنها اقتصادية بالدرجة الأساس، وأن عرقلة تقديم الخدمات تقف وراءها خلافات سياسية.
ويدعم مدير مركز "التفكير الستراتيجي" الدكتور إحسان الشمري، فكرة التكامل الاقتصادي الإقليمي بعيداً عن الخلافات السياسية، مؤكداً أنه توجه إيجابي عالمي.
وقال الشمري لـ"الصباح": إن "التكامل الاقتصادي وفق الفلسفة الجديدة للسياسة الخارجية التي تعتمد تشبيك المصالح الاقتصادية والتجارية والاستثمارية لخلق تحالفات بين الدول؛ يسهم بشكل كبير جداً في تخفيف حدة التقاطعات السياسية بين الدول"، ولفت إلى اتجاه المنطقة "نحو خلق مسارات اقتصادية جديدة على مستوى ثنائية الدول، أو حتى ما طرح في قمة جدة العربية من ضرورة وجود تكامل يسهم بشكل كبير جداً في أن تتشابك هذه العلاقات السياسية".
وبيّن أن " التفاهمات التي جرت مؤخراً هي سياسية وستتعزز بشكل أكبر إذا ما كان هناك تكامل اقتصادي بين دول المنطقة أجمع"، ولفت إلى أن "الاقتصاد يتقدم على السياسة، وبعض الدول تربط علاقاتها الدبلوماسية مع دول أخرى على أساس الاقتصاد"، مؤكداً "اتجهت كثير من دول المنطقة نحو مجموعات مثل (مجموعة العشرين) و(بريكست) و(شنغهاي)، وهذا التكامل الاقتصادي يعزز بشكل كبير جداً إيجاد مساحة تفاهمات، ويكون للاقتصاد دور كبير في رسم سياسة خارجية لمعظم الدول".
من جانبه، أكد الأكاديمي والكاتب الدكتور مجاشع التميمي، أن "الاقتصاد يتأثر بالسياسة"، داعياً الحكومة العراقية إلى استثمار فرصة التهدئة بالمنطقة لمعالجة الكثير من المشكلات الاقتصادية التي يعاني منها.
وقال التميمي لـ"الصباح": إن "التكامل الاقتصادي يتأثر كثيراً بالتقاطعات السياسية، لأن الاستقرار السياسي يؤثر كثيراً وبشكل مباشر في تطوير الحركة الاقتصادية"، وأضاف أن "تطبيع العلاقات السعودية وإيران لن يقتصر تأثيره على الناحية السياسية والدبلوماسية"، مبيناً أن "البعد الاقتصادي قد يكون الأبرز والأسرع تأثيراً، ليس في البلدين فقط، بل في اقتصادات منطقة الخليج والشرق الأوسط".
ودعا التميمي، الحكومة العراقية إلى أن "تستثمر الفرصة لمعالجة الكثير من المشكلات الاقتصادية التي يعاني منها اقتصاد العراق، وإعادة تفعيل اتفاقيات التعاون التي وقعها العراق سواء مع طهران أو الرياض وغيرها في مجال الاقتصاد والتجارة والاستثمار، لأن التأثير الاقتصادي هو الأكثر سرعة ووضوحا في ظل غياب التقاطعات السياسية".
وأضاف، "نحن بحاجة إلى استقرار اقتصادي لأنه بات واضحاً التأثير المباشر للتكامل في المنطقة، الذي سيكون مدخلاً مهماً لتحقيق الاستقرار السياسي والعكس صحيح أيضاً"، ولفت إلى "أهمية الاستقرار الاقتصادي التي تنبع من أنّه يؤدي إلى تحقيق التشغيل الكامل للموارد الاقتصادية المتاحة (المادية والبشرية)، وتفادي التغيرات الكبيرة في المستوى العام للأسعار مع الاحتفاظ بمعدل نمو حقيقي مناسب في الناتج الوطني".
بدوره، فضّل المحلل السياسي حامد الكعبي، التكامل الاقتصادي بوجود بيئة مناسبة، مؤكداً أن هذا التكامل صار ضرورة دولية ملحة.
وقال الكعبي لـ"الصباح: إن "من مسلمات العمل الاقتصادي أن العمل لا يتكامل إلا في ضوء وجود بيئة مناسبة ومتناسقة ومنسجمة، وإلا سيكون العمل الاقتصادي كأنه يمر على حقل ألغام"، وأضاف أن "الحديث عن التكامل شيء، وعن العمل الفردي شيء آخر، ففي ضوء معطيات علم الاقتصاد ومعطيات التقدم التكنولوجي الذي جعل العالم بيتاً كبيراً وليس قرية، نرى التكامل أصبح ضرورة ملحة لا غنى لأي دولة به عن الأخرى".
وأوضح، أن "الكل محتاج إلى الكل، ومثالنا الحي هو (طريق الحرير) الصيني، الذي سيّمهّد للصين لتكون أحد قادة العالم الجديد، ونرى بوضوح أن الصين احتاجت إلى أن تتكامل مع عشرات الدول بل تسعى جاهدة لتكمل البنية التحتية للدول الأخرى من أجل مصلحتها الستراتيجية"، ونبّه إلى أن "هذا المعنى ربما ينهدم أساسه في حالة عدم وجود توافق سياسي، فكثير من المشاريع تتوقف عن التكامل بسبب عدم الانسجام السياسي أو الاختلاف السياسي".
وضرب الكعبي مثلاً بالحرب السورية، "التي أصبحت مثالاً واقعياً على أن مد الغاز الطبيعي إلى أوروبا، وبسبب عدم التوافق بين الأطراف، أدى إلى نشوب الحرب السورية، وبالتالي وبسبب عدم نجاح إسقاط النظام، أدى إلى توقف مد مشروع الغاز إلى أوروبا"، وأكد أن "طريق التكامل يمر عبر التفاهمات والشراكات، وبغير ذلك يبقى العمل الفردي هو سيد الموقف في هذا العالم".
تحرير: محمد الأنصاري