الناصرية: نجلاء الخالدي
كيف دخلت الفتاة السمراء الخجولة الآتية من أرض سومر مضمار الكبار في التأليف المسرحي، ومنافسة سادته من الذين تربعوا على عرشه عقودا من الزمن، الأمر لم يكن يسيرا لشابة في مقتبل العمر والتجربة، غير أن قوة خفية كانت تدفعها إلى أن تعلو منصات المسارح وتدعوها لإطلاق العنان لموهبتها، التي طالما تحدث عنها النقاد والادباء في ذي قار. وبعد طول انتظار حلقت سحاب فوق الغيوم، وصنعت بين الغيمات عملها الأول، فحصد الإعجاب والنجاح.
الكتابة بسن مبكر
تقول سحاب رزاق الماضي، الفائزة بجائزة أفضل نص مسرحي في المسابقة التي نظمها الاتحاد العام للأدباء والكتّاب في العراق لـ “الصباح”: بدأت الكتابة بسن مبكر، ولكن كنت أحتاج صقلاً وتقويماً لموهبتي وحدث هذا في السنتين الأخيرتين.. بدأ الأمر بالقراءة، فقد كنت أقرأ الشعر العربي الأصيل تأثرت بشاعر العرب الأكبر محمد مهدي الجواهري وعدد من شعراء وشاعرات الشعر الفصيح فاستطعت أن أكتب الشعر آنذاك وبعدها حينما انضممت للمسرح كممثلة تطورت قدراتي لأدخل لعالم الكتابة المسرحية. وأصبحت أمام مسؤولية تجاه المسرح فالأمر ليس كرغبة عابرة أكتب اليوم وأترك غداً.. بل إنني أشعر بمسؤولية الاستمرار في هذا الفضاء والمكان السامي الذي يندد بالكثير من القضايا.
نيكروفيليا
وعن فوز نصها المسرحي (نيكروفيليا) بإحدى الجوائز المهمة في فئة المسرح في المسابقة التي نظمها الاتحاد العام للأدباء والكتّاب في العراق، تشير إلى أنها لم تتوقع الفوز فقد كتبته من غير نية المنافسة، ولكني رغبت قراءة “النيكروفيليا” أولاً وللمشاركة ثانياً، لاسيما أن النص يتناول مساوئ الحرب وما ينتج عنها من سلبيات لا تعد.. فخلال النص نشاهد زوجة تنتظر زوجها الذي قد تضرر بسبب الحرب أو أنه مات، ولكنها ترفض هذه الحقيقة وتوصف الحرب كلعنة حلت عليهم وتدهورت أحوالهم بسببها.. استخدمت في النص دكة غسل الموتى لينام عليها الرجل كدلالة للموت.. والمهد الخالي من الطفل كدلالة للحرمان.. أما عن صورة زفافهم فهي دلالة لحب وطمأنينة سابقين وقطعة القماش البيضاء المتسخة ترمز إلى فستان زفاف رث وقديم تغير بسبب ما مر به كدلالة لتدهور الحال وصعوبة الوضع الراهن.
المرأة في المسرح
وعن فكرة وجود المرأة في هذا المضمار الذي طالما لعب به الرجال؟ ترى سحاب أن وجود المرأة في المسرح هو أمر ضروري ويعطي طابعا مختلفا بالإضافة من الممكن استثمار طاقات وأفكار النساء في هذا المجال المهم، فانا لا أعتقد بوجود مسرح نسوي، ولكن المشاركة النسائية موجودة بالطبع.. فالمسرح هو مجال يحتوي على جميع القضايا ويطرح المشكلات المجتمعيّة ويطالب بحقوق وحريات، وتؤكد مشاركة المرأة في المسرح وإن كانت بعدد قليل، ولكن لدينا كاتبات متمكنات في الكتابة للمسرح بشقيه مسرح الطفل ومسرح الكبار.
وفي ما يخص قضايا المرأة. وهل تأخذ طريقها إلى المسرح، لا سيما أن هناك من يتناولها بشكل هامشي، ويقدمها كائنا ضعيفا في مجتمعاتنا المحلية وحتى العربية، أجابت: أنا أرى قضايا المرأة من الممكن أن تأخذ طريقها إلى المسرح، ولكن بصورة صحيحة وحقيقية، فالنساء اليوم أصبحن صاحبات مسؤولية خارج الإطار الأسري والمنزلي وأصبحن ذوات آراء خاصة وقرارات ووعي رائع، وبهذا الشكل تثبت بأن حقيقة المرأة ليست كائنا ضعيفا، بل هي كائن مسؤول وناجح في مجال عمله إن كان خارج المنزل أو داخله.
أما عن رؤيتها عن مشاركة المرأة مستقبلا في العملية المسرحية بكل تفاصيلها أوضحت الماضي: أنّها متفائلة بولوج المرأة إلى المسرح مع كل هذه الطاقة التي تمتلكها، وتؤكد أن المرأة اليوم تشارك في العديد من المجالات الطبية والعلمية والهندسية والكثير من المجالات وأيضاً توجد نسوة شاركن في العملية المسرحية وإن شاء الله تتطور هذه المشاركة في المستقبل ونجد نساء يستطعن تقديم مسرح متكامل.