صلاح أرجوان: آثار بلدي حاضرة برسوماتي

ولد وبنت 2023/06/19
...










  بغداد : عواطف مدلول

بين الفن والآثار يجد صلاح متعته الكبيرة ويعدها أعظم انجازاته، لكونه نجح في أن يشغل معظم وقته بكثير من الاهتمامات الهادفة التي باتت جزءا لا يتجزأ من حياته، ولا يكاد أن يمر يوم من دون أن يسجل حضورا مميزا، ويترك بصمته الواضحة  فيه، وذلك يشكل دافعا له لمزيد من العطاء والإبداع من خلال نشاطات مختلفة توعوية وتثقيفية.

صلاح مهدي الذي أطلق على نفسه تسمية صلاح أرجوان لعشقه للون البنفسجي المائل للأحمر ، وولعه برسم الزهرة التي تحمل الاسم نفسه،  ظهرت علامات موهبته بالرسم منذ الطفولة وانتبه المعلمون في مدرسته لذلك من خلال ملاحظتهم اتقانه الرسومات في مادتي الجغرافية والعلوم.

وعلى أثر ذلك تلقى تشجيعا واسعا من والده، الذي وعده بتوفير كل مستلزمات وأدوات الرسم، وجميع الاجواء التي تهيئ له ظروفا ملائمة للابداع، وبعد تخرجه من مرحلة الاعدادية ترك له حرية اختيار الدخول للمجال الذي يرغب بدراسته، حينها حددت الانسيابية مصيره بالالتحاق بكلية الهندسة الزراعية، فترك الرسم لانشغاله بالدراسة وحرصه على نيل الشهادة الجامعية بتفوق عال، وبعد التخرج عمل باحد المراكز التابعة لوزارة الصحة كمهندس زراعي في حدائقه، وبعدها انتقل إلى الإدارة فيه، لكنه استثمر موهبته بالرسم واستطاع أن يزين جدران المركز بلوحات توعوية ارشادية.

دخل الوسط الفني من خلال لقائه بالنحاتة طلائع الساعدي التي كانت الداعم له بعد وفاة والده عام  2009، حيث كانت تعمل في قسم الفنون التابع لوزراة الشباب والرياضة بدائرة قريبة على محل سكنه، اذ تعلم على يدها الكثير من أصول الفنون ونتيجة لذلك اتجه بقوة لاقتحام عالم الرسم، من خلال حضور معارض شتى والمشاركة بالفعاليات التي تقيمها وزارة الشباب وبقية الوزارات، سعيا لتثقيف نفسه وتطوير امكانياته بالاطلاع على مدارس الرسم المختلفة يقول أرجوان أن أول لوحة  أنجزها كانت تعبيرية تمثل المرأة.

في عام 2013 كانت له محاولة التقديم لكلية الفنون الجميلة فاشترك باختبار تضمن عددا من الاسئلة ورسومات مباشرة في  الظل والضوء، اختير فيه من ضمن العشرة الاوائل لكنه لم يلتحق بالدراسة، لانه لم يكن مستعدا ماديا لها بالرغم من ثناء الاساتذة على قدراته التي تم تقييمها كموهبة تستحق الاشادة بها، يؤكد صلاح أن دراسة الفنون مازالت حلما بالنسبة له، يسعى مستقبلا لتحقيقها لتكون الداعم لموهبته. 

وعن أفكار لوحاته يشير إلى أن أكثر ما يثيره تلك القضايا التي تسلط الضوء على مواضيع اجتماعية، ومنها معاناة المرأة وذوو الاحتياجات الخاصة وحالات التنمر بالمجتمع. 

ويبين أن اللوحة التي يرسمها من كل قلبه بحب وشغف كبيرين ويتعب عليها يشعر وكأنها جزء منه، لايمكن أن يعرضها للبيع حتى وأن طلبت منه موضحا: لا أفضل بيع لوحاتي خاصة تلك التي تمس عمق الانسانية وتتناول جوانب معينة من صميم المجتمع ،إلا اذا كنت مضطرا او محتاجا ماديا، ومع ذلك فان أغلب اللوحات التي تعرض للبيع  هي  التجارية  كالبغداديات مثلا.

يطمح ارجوان إلى تنظيم معرض خاص به للمرة الثانية متمنيا زوال جميع المعوقات التي تقف عقبة أمامه، وان يتوفر الدعم المادي والمعنوي له والوقت والظرف المناسب ان لذلك،  حيث أن أغلب أعماله  تكون مشتركة مع عدد من الفنانين. 

وبخصوص معرضه الأول الذي سبق وأن اقيم له في السفارة الهولندية، بدعوة خاصة له من صديق في عام  2016 أكد أنه ضم 15 لوحة نال استحسان واعجاب الجمهور الذي حضره.

ارجوان له ولع من نوع آخر متمثلا بشغفه بالنحت، وقد جرب العمل بالطين وكذلك بالخشب، وانتج اعمالا ابداعية رائعة فيهما، ومن المؤمل أن يشارك بأحد المعارض قريبا بعمل نحتي جديد ولاول مرة. 

من بين امنياته في الطفولة والتي لم تتحقق له دراسة الآثار، لكن تمكن من تعويض ذلك، بمرافقته لبعض الكروبات الاستكشافية في زيارة المواقع الاثرية، التي استطاع من خلالها أن يكتسب المزيد من المعلومات التي عمقت لديه حب البلد، فأنجز بعض الكتابات والبحوث حول تلك السفرات الاثارية، بل حتى أنه أخذ يدخل الآثار في التفاصيل الدقيقة برسوماته .

موضحا أن التخصص بهذا المجال صار هواية ايضا، مضيفا بقوله: عندما أقف أمام أحد المعالم الاثارية، ليس لمجرد التقاط صورة تذكارية فقط كما يعتقد الاخرون، في الحقيقة ذلك يعزز لدي شعوراً كبيراً بالانتماء لبلدي، ويجعلني أتفاخر به أكثر لعظمة تاريخه العريق، لذا لدي رغبة شديدة في المساهمة بالحملات التطوعية التي تعمل على تنقيب آثار البلد، عن طريق الانضمام  لفريق تطوعي يأخذ على عاتقه القيام بتلك المهمة.