الـرّخ يَـنقضُّ على الحبشي

الرياضة 2023/06/26
...

علي رياح

لم يحمل عام 1991 أية مباراة دولية لمنتخبنا، إذ كانت العقوبات تحاصرنا من كل صوب على خلفية الأحداث الدامية لغزو الكويت وحرب الخليج الثانية، لكن العام التالي شهد استئنافاً نارياً وتاريخياً لمنتخب العراق، جاء في صورة فوز قياسي لم يحققه منتخبنا قبل أو بعد مرور 31 سنة على ذلك الحدث المشهود.
الثلاثاء الموافق للثامن عشر من آب 1992، خرجت الصحافة الأردنية وهي تحمل عناوين وتحليلات تحذر بمجملها منتخب العراق من مفاجأة غير سارة وهو يواجه منتخب إثيوبيا الغامض في أولى مبارياتنا في بطولة الأردن الدولية.. لم نكن نحمل أية فكرة عن منتخب أفريقي قادم من القارة السوداء، وكانت مهمة المدرب عدنان درجال أن يبدأ البطولة بقوة وهو الذي لم يُوفق قبل هذه البطولة في رحلة ودية قادته إلى مباريات في اليمن والسودان خسر في واحدة منها أمام اليمن.
حين دارت رحى المباراة أمام المنتخب (الحبشي)، كانت المعطيات التي حذرت منها الصحافة وكان درجال يخشاها، تتساقط على نحو عجيب، وكانت المحصلة فوزنا بثلاثة عشر هدفاً من دون مقابل، وكان في وسع لاعبينا زيادة غلتهم من الأهداف لولا موجة عدم التصديق التي غمرت وتحولت إلى جرعة غير محمودة من الثقة ليكتفوا بهذه المجزرة من الأهداف!.
بقيت تفاصيل تلك المباراة غير محفوظة في ذاكرة جمهورنا خلال ظرف قاهر كان يمرّ به العراق والعراقيون ولم يبق منها سوى أهداف تمّ تجميعها لنجمنا الكبير أحمد راضي، لكن الصحف الأردنية التي كانت تحذر العراق قبل المباراة خرجت مُهللة بعناوين مثيرة ترقى إلى مستوى ما تحقق من أهداف وهو كثير ووفير.. صحيفة (صوت الشعب) عَـنونت: طوفان العراق يغرق مرمى إثيوبيا.. وقالت (الدستور): العراق يفتتح مباريات المجموعة الثانية بفوز إعجازي على إثيوبيا.. ومانشيت صحيفة (الرأي) كان أكثر بأساً وتعبيراً: الرَخ ينقضّ على الحبشي الذبيح، وكانت إشارة إلى الطائر الخرافي الذي تقول الأساطير إنه ينهض من الرماد أكثر قوة، بينما كانت مفردة حبشي إشارة إلى الطائر وإلى إثيوبيا.
مسلسل الأهداف في تلك الموقعة التاريخية - من باب توثيق الحدث - كان على النحو التالي: أحمد راضي (1) ليث حسين (2 – 3) حبيب جعفر (4) أحمد راضي (5) سعد قيس (6) أحمد راضي (7) حبيب جعفر (8) نعيم صدام (9) أحمد راضي (10) مهدي كاظم (11) سعد قيس (12) أحمد راضي (13)..
كان الفوز كبيراً وخارج سياق التوقعات، شجّعَ رئيس الوفد العراقي هشام عطا عجاج للظهور على أعمدة الصحف ليقول: عطشت الكرة العراقية سنتين فارتوت بثلاثة عشر هدفاً.. لكن البهجة التي كانت تغمر عجاج لم تكن وحدها كافية للتتويج بلقب هذه البطولة، فليس شرطاً أن تحقق الفوز القياسي الأكبر لتكون البطل في خاتمة المطاف.. فبعد يومين تغلبنا على الكونغو بثلاثية نظيفة منها هدفان لأحمد راضي والثالث لنعيم صدام، وبعدها كرّرنا الفوز بالنتيجة نفسها على وفاق سطيف الجزائري وكانت الأهداف الثلاثة بتوقيع أكرم عمانوئيل، وتفوقنا على مولدافيا بهدف وحيد سجله حبيب جعفر، وجاء موعد الختام لتكون الخسارة أمام الأردن بهدفين لعارف حسين وهشام عبد المنعم.