يوميات محشوة بالتبن

ثقافة شعبية 2023/07/06
...

كاظم غيلان

سرني صديقي الموسيقي الموهوب مهدي السيد بفكرة بلغت النضج وفي طريقها للتنفيذ مفادها تأسيس مركز يعنى بظاهرة ( مسعود العمارتلي) هذه الاشكالية الاجتماعية الفنية الكبيرة التي رسخت في ذاكرة أجيالنا، الفكرة نالت استحساني جدا مما دفعني لأشعال حماسه وتشجيعه لاسيما وان صديقي هذا مولع بتراثنا الغنائي، مثلما عاصر ماتحقق في حركة تجديده وعاش مع تجارب غنائية موسيقية لها أثرها الطيب، ورحت أبحث معه سبل دعم ورعاية فكرته التي وجدنا فيها من الصعوبات الكثير لكنه ليس بالمستحيل طبعا، وشعرت بأن نسبة الاحباط الذي أعيشه اخذت بالتراجع مع تصاعد منسوب فكرة الأمل الراسخة في روحي . في اليوم الثاني وبينما اتصفح ما ينشر على صفحات منتخبة تغنيني، وقع نظري على ماكتبته أستاذتنا القديرة الروائية والمترجمة  لطفية الدليمي فكان منشورها المؤلم حقا ( وسادة محشوة تبنا) والذي يحمل من العتب الكثير على كل من تعنيه ثقافة العراق واعلامه في دعم ومباركة بهرجة اقامت احتفالية ( كبرى) وسط مباركات المعنيين بحركة الثقافة والإعلام بكلمات مزوقة جدا توحي بتحقق منجز كبير عظيم!!
جميعهم يعرفون زيف مايحصل بهكذا مشاريع بل ويعرفون سبل تحققها لكنهم يصرون على مباركته ودعمه ويحيّون الجهات الراعية له مهما كانت مقاصدها ونواياها ، ان لفي الاصرار لغزا لا يفقهه الا الراسخون في خراب البلاد والعباد .
استعاد  الاحباط بداخلي  معدلاته المؤسفة وأنا اقارن هذه المهزلة بتلك الفكرة العريقة الحقيقية التي راودت صديقي الموسيقي وقلت :
من لك يامسعود العمارتلي في ظل هذا الخراب سوى تمنياتنا؟
وعلى ذكر ( التبن) استعدت أوراق ذاكرتي من خلال ارشيفي الذي حمته الأقدار من الضياع وأعدت قراءة ( وقفة حوارية) أجراها معي الصديق الشاعر الراحل كاظم اسماعيل الكاطع نشرها أيام عمله لصفحة الأدب الشعبي في ( نبض الشباب) ٢٠٠١، وأتخذ من إحدى اجاباتي عنوانا لها : ( بعض الريادات ماهي إلا اسماءً محشوة بالتبن) .
قارنت هياكل الأمس باليوم فوجدت ( التبن) وحده قاسمها المشترك.
هذه الأسماء مفتوحة شهيتها لأيما شيء يحشوها، وتأكد لي ذلك في اليوم الثالث إذ بعث لي صديق مقطع فديو لشويعر شعبي رفعوا من شأنه ليكون ( شاعرا كبيرا) ولكن - بفلوسه - طبعا والتي تدر عليه أرباحا طائلة من مقاولاته ومشاريعه التجارية، ولفرط مايغدق تجده وبرعاية ذيوله الإعلامية يقيم فعالياته بشراء ( جمهور) بالعملة الصعبة إذ يستلم المصفق الحاضر ورقة ( أعني مئة دولار) فكيف لا يصبح شاعرا كبيرا !؟  مقاطع الفديو هذه أعادت معدلات الاحباط لنسبة اعلى من سابقتها وقلت مع نفسي:
من سيتبرع بهكذا أموال لمشروعك يامسعود؟؟
في اليوم الرابع استعدت بعض وقائع الذاكرة فنبهتني مادة ثقافية نشرها لي الصديق الشاعر منذر عبد الحر وكان محررا لإحدى الصفحات الثقافية اعتمدت في كتابتها جملة لأستاذتنا لطفية الدليمي نفسها إذ تقول : ( القش وحده يغادر ) .. نعم فهو وحده يغادر حتما لأنه ليس بالجواهر، هو ليس اللؤلؤ.  انه القش.
هنا استعدت البعض من نسبة في فكرة الأمل برغم ما يصنع لنا عصر التفاهة من غيوم اصطناعية عابرة تحاول عبثا حجب تلك الشمس التي تراهن ونراهن على بقائها .
في اليوم الخامس استعدت بيتا من موال للحاج زاير فهو خير مسك ختام لهذه اليوميات :
( والله امتحنا ونظل جم دوب نكنس نوه ) .
ما أحوجنا إلى سخرية رادعة ولكن من أين آتي بك يا
( وليد جمعة)؟