شاهَدوها.. بعدَ شهرين ونصف

الرياضة 2023/07/10
...

علي رياح

عن النقل التلفزيوني، سرعته وحقوقه وأساليبه زمان، أتحدث. ظهرت صحيفة (الرياضي) اليومية صبيحة الثاني والعشرين من أيار 1973 لتعلن البِشارة للعراقيين.
لقد صار في وسعهم مشاهدة مباراتي العراق مع أستراليا في تصفيات كأس العالم، والعمل سيجري في الأيام المقبلة لتهيئة الأفلام التي وصلت من سيدني لكي تكون مناسبة للعرض في موعد قريب على شاشة تلفزيون بغداد!.
في زمن لم يكن فيه ذكر لثورة الاتصالات الفضائية عبر الكرة الأرضية، وكانت فيه صنوف التواصل ضعيفة مقارنة بما هي عليه اليوم، كان الخبر الصحفي المكتوب مُهماً ويحمل فرحة حقيقية لمن عاش تفاصيل أول تصفيات لكأس العالم يشترك فيها العراق عبر رسائل الصحفي الكبير الراحل شاكر إسماعيل الذي كان موفداً مع المنتخب إلى (أرض الجنوب)، وكانت التفاصيل تصل في اليوم التالي لوقوع أي حدث أو تفصيلة تتعلق بالمنتخب، هذا إذا سارت الأمور على ما يرام ولم تتأخر الرسالة الصحفية يومين قبل أن تظهر على أعمدة صحفنا!.
كان الرأي العام العراقي قبل (تلك البِشارة) يضغط خلال تلك التصفيات وبعدها، على الجهات الحكومية والرياضية بقصد تأمين مشاهدة ما جرى حتى بعد انقضاء سامر التصفيات.. وكان لافتاً في صحافة تلك الأيام أن يقطع المعلق والإعلامي الكبير الأستاذ مؤيد البدري الصمت المُطبق إزاء هذه الضغوط ليعلن أن (المؤسسة العامة للإذاعة والتلفزيون قد وافقت على شراء فيلمين يُصوران وقائع مباراتي العراق وأستراليا لعرضهما عن طريق شاشة محطة تلفزيون بغداد في وقت لاحق!).
وفي خلفية الخبر الذي جرى إعمامه على الصحف العراقية كافة لتهدئة الخواطر، تمّتْ الإشارة إلى (أن الزميل البدري حين كان في سيدني ضِمن وفدنا إلى التصفيات، قد فاتح المسؤولين في التلفزيون الأسترالي حول تسجيل وقائع المباراتين لغرض الاستفادة من عرضهما في بغداد لقاء أجر يتمّ الاتفاق عليه، وقد أبرق (البدري) إلى الإذاعة والتلفزيون مُناشداً الموافقة على إجابة الطلب للفائدة المتوخاة من ذلك، وقد تمّت الموافقة الأصولية وينتظر أن يشهد هواة الكرة في وقت لاحق وقائع هاتين المباراتين).
بعد المناشدة والاتفاق، كان على الجمهور العراقي أن ينتظر شهرين ونصف الشهر لكي يحقق رغبته الجارفة في مشاهدة المباراة التي خسرها منتخبنا أمام نظيره الأسترالي في الحادي عشر من آذار بنتيجة هدف مقابل ثلاثة في افتتاح التصفيات، ثم التعادل من دون أهداف في المباراة الثانية في الثامن عشر من الشهر نفسه، ليطلع على وقائع كانت بعيدة عن العين والخيال، بعد أن فرض مستوى الاتصالات التلفزيونية المتأخر كل هذا الانتظار.
ومهما يكن من أمر، فإن جمهورنا كان محظوظاً لمشاهدة المباراتين في البيوت والمقاهي عبر التلفاز بعد أن اعتاد كثيراً مشاهدة أبرز الأحداث الرياضية في سياق (الجريدة السينمائية) التي كان يجري إنتاجها أسبوعياً لتـُعرض على شاشات بعض السينمات العراقية قبل الأفلام العربية أو العالمية المقررة في البرنامج لروادها، وكان الأمر يتعدّى أحياناً تقديم خلاصة الأحداث المحلية الرياضية والسياسية والعامة ضمن هذه الجريدة لتبادر هذه السينما أو تلك إلى عرض مباراة كروية دولية خارجية حصلت على تسجيل لها ليكون تقديمها حدثاً كبيراً لدى عموم الناس.