{نشيد الفجيعة} في برج بابل

ثقافة 2019/04/27
...

 
زياد جسام
 
 
 
 
 
 
 
 
افتتح يوم الخميس الماضي معرض تشكيلي مشترك بعنوان “ نشيد الفجيعة” للفنانين رضا فرحان وعقيل خريف، كان ذلك على قاعة مؤسسة برج بابل الثقافية في بغداد، حضره نخبة من الفنانين والاعلاميين والمهتمين بالشأن الثقافي.
 
 
 
اثار هذا المعرض استغراب بعض الحضور لكون الاعمال المشاركة لكلا الفنانين ، تركيبية ونوعية، والمقصود بذلك ان المعرض اقتصر على عملين كبيرين لكل فنان منهم، عمل واحد مشبع بالجمال والفكر.
الفنانان اشتغلا على ثيمة الفجيعة التي اتخذها المعرض عنوانا له “ نشيد الفجيعة” فصورا عبرها الايام السوداء التي مرت بالعراقيين اثناء الحروب الطاحنة الماضية. قدم الفنان رضا فرحان عمله التركيبي الذي اسماه “ بقايا” والمتكون من عربة خشبية تحمل رأسا بشريا مقطوعا
، كانت فلسفة الفنان لهذا العمل ان الرأس يرمز للانسان وذكرياته واحلامه وطموحاته والمه وفرحه .. هي ذاته ، القليل يهتم بما يترك عند مغادرة الحياة، وفي النهاية ترمى او تباع او تكون ملك شخص جديد، وقد كتب الفنان ورقة علقها بالقرب من عمله جاء فيها :” شاهدت هذا في اسواق الخردة واسواق الهرج، تباع الكثير من السلع او المكتبات والانتيكات او لوحات عزيزة ، دفاتر ذكريات تعود لاناس في يوم كانوا يعيشقون ما يملكون ولا يفرطون به ابدا، لكن هي سنة الحياة.. تباع في عربات تحت جسر النهضة”.
اما عمل الفنان عقيل خريف الذي حمل اسم “ جثة في مكب النفايات” فقد كان بقياس ثلاثة امتار وارتفاعه بحدود المترين، مكون من مجموعة علب “كولا “ فارغة على خلفية خشبية، توحي هذه العلب بوجوه صارخة او كأنها جماجم، اشتغلها الفنان خريف بطريقة ذكية .. وقد استوحى هذه الفكرة عن طريق الة الخراب التي حصدت الكثير من الاشخاص ، اذ كتب ورقة وضعها بالقرب من عمله جاء فيها: “ لا قيمة للانسان في عالم تقوده آلة الخراب، سلعة تباع وتشترى، يرفع الظلم رأسه ويصغر امامه الانسان، هذا العالم اصبح كئيبا.. التعصب الديني والعرقي اصبح عبئا على البشرية، من يقود العالم يقدس كل شيء الا الانسان، اصبح سعر الفرد يساوي قنينة “كولا “ وهو سعر الرصاصة التي اخترقت رأسه ليستقر به الامر في مكب 
النفايات”. 
استطاع  فن “ الانستليشن” التغلب على كل المعايير التي سادت لقرون مضت، اذ اعتمد هذه المرة على المنطق البصري الاقرب الى حقيقة الاشياء، وتم التخلي عن الاوهام البصرية المشتتة لمصلحة كتل حقيقية ملموسة يتعايش معها المتلقي ضمن بيئة العرض، وقد ساهم هذا بدمج اكثر من اتجاه فني يعتمد الصورة في طرحه، ووضعها في خانة واحدة جديدة يطلق عليها الفن التركيبي. بدأ هذا الاتجاه يأخذ مساحات واسعة بالعراق ، باعتباره اتجاها جديدا على المستوى الفكري الابداعي، متقدما على الرسم التقليدي والنحت  في استقطاب الجمهور، لكون العمليات التركيبية تستعين بخامات موجودة مسبقا بين يدي الجمهور ، مما يحيل المتلقي الى مناقشة خامات العمل الفني قبل كل شيء وبشكل ثلاثي الابعاد، مما يمكن المتلقي من التجوال في العمل والاستمتاع البصري به.. ويمكننا القول بان الفن التركيبي اعطى لباقي الفنون البصرية ملامح  معاصرة تكون اعمق 
فكريا.