لم اسمع به من قبل وربما هذه مثلبة لا اسامح نفسي عليها ، عثرت له بعد ذلك على قصة قصيرة في كتاب البصرة في آواخر القرن العشرين ، لم يكن له ذكر للاسف لم اسمع احد النقاد ولا كتاب السرد في العراق يذكره ، له روايتان ، الاولى ( المراسيم القديمة ) صادرة عن دار الجمل والثانية ( الحلو الهارب الى مصيره ) عن دار الجمل ايضاً ، ما ان قرأت رواية ( الحلو الهارب الى مصيره ) حتى امسكت بي ولم تترك لي فرصة للحركة او التنفس ، رواية عراقية حميمة ، غاية في المحلية والاصالة ، مليئة بالروح الوحشية وهي خصلة نوع خاص من الروايات العالمية ، هذه واحدة منها وهي بمحليتها هذه ستكون واحدة من الروايات العراقية التي تخترق العالمية شارحة فترة ما بعد سقوط النظام السابق وفترة الاحتلال الامريكي
للعراق.
الرواية تغوص في حضيض المجتمع العراقي بكل شخصياته السوقية والشقاوات والمليشيات والعسكرة واللصوص والشواذ والقتلة والاحتلال ، انه هبوط للقاع العراقي بحرفية عالية ، حيث استطاع هذا الروائي الجريء ان يكتب عن شريحة من المجتمع العراقي بكل جرأة واقدام واخص بالذكر مشكلة الشذوذ الجنسي
، هو لم يطرح المثلية كمشكلة ولم يناقش واقعها المرير انما جاءت المثلية كحالة مجتمعية شاذة التسقت ببعض الشخصيات الرئيسية خصوصاً ( مهنا ) الذي ابتدأ به وأختتم به ( مهنا ) شخصية مثلية لها علاقات مشبوهة مع شخصيات متنفذة في السياسة والتجارة والعسكرة فضلاً عن علاقاته مع القتلة المأجورين الذين يمارسون الجنس حتى مع الشيطان سواء كان انثى ام ذكر ، ثم يتحول الى رجل الدين السيد علي الذي صار يؤسس المليشيات باموال مؤسسة دينية ويعمل لأجل مصالحه الخاصة وملذاته حين يضع اخت عباس الاعور في باله ويظل يتقرب منها محاولاً كسب قلبها والزواج منها لكنه بالنتيجة لم يفلح ، الرواية بصراحة متشابكة الاحداث وتسير بعدة مسارات سردية رغم كل تلك البشاعات المذكورة في الرواية لكننا نشعر بشوق الكاتب لبغداد والبصرة وللعراق وهو يسرد تلك الثيم الكبيرة المبهرة التي وصل بها الى حدود الواقعية السحرية خصوصاً فيما يخص ديك عباس الاعور وكيف انه اطفأ عين الجندي الاميركي في واحدة من هجماته المباغتة ، كل الذي حدث في الرواية معظمه حدث في الواقع
، كانت البشاعة والعنف والوحشية هي المسيطرة على جميع المشاهد والامزجة ان رواية ( الحلو الهارب الى مصيرة ) خطوة حلوة في طريق تأسيس وترصين رواية عراقية عابرة
للقارات ..