{أيس أعبيس} على لسان الحكومة !!

آراء 2019/04/27
...

حسين الذكر

تبدو الإجابة عسيرة .. لكن بعض التصريحات الحكومية قد تكون سندا او اساسا يمكن الالتفات اليه معزز بحقائق اقرب منها لفرضيات وأرقام
 إعلامية. 
ففي احدى الندوات الإصلاحية، طرحت أسئلة حبلى عن كيفية عمل جهاز مكافحة الفساد المشكل بقرار حكومي وامل شعبي كبير ، وقد جاءت الإجابات بما
 يشبه الصدمة.
ان الرشا في الجهاز الحكومي تتعدى نسبتها الثمانين بالمئة .. فاي سجون ومحاكم تكفي لايواء الفاسدين ..؟ هكذا أجاب احدهم .. من جانبه السيد ليث كبة عقب قائلا : ( ان الفساد اصبح مافيات ورؤوس ويشغل حيزا كبيرا متشعبا تمتد شبكاته داخل وخارج العراق بصورة تستعصي معالجته بضربة واحدة لاسيما في واقع ما زالت تتحكم 
فيه المحاصصة والقومية والطائفية ، 
لذا تطلب ان يكون الاحتكام الى منطق العقل والبحث عن مخارج تستهدف الإصلاح تندرج بعدد من الأسئلة يمكن لها ان توضح 
المشهد :
- هل الأولى بالحكومة ان تضرب الرؤوس لتسقط اذناب الفساد ؟
- ام ينبغي معالجة القاعدة وعزلها عن الرؤوس والمفاصل ليسهل 
علاجها ؟
في حوار هادئ بين رجلين مسنين كنت استمع لجمال تعاطيهما بروح وطنية وأساليب واقعية لحل الإشكالية ،
 قال احدهم 
- اعتقد ان المشكلة أساسا لا تتمثل بوجود فاسدين ، بل بنوايا الإصلاح وفعل المصلحين لمعاقبة الفاسدين
 وتحجيمهم ؟
- أجاب الاخر : ( القضية كلها تتعلق بالفرق بين حاكم عادل يحارب الفساد ويجلد ذاته ونفسه قبل الاخرين ويمكن له ان يحتمل الضرر والتضحية في سبيل ذلك .. وآخر يحمي الفاسدين!) .
لنعود قليلا الى مشيد حكم العدالة والإصلاح الامام علي بن ابي طالب عليه السلام ، لوجدنا ما يكفي من مناهج إصلاحية لحل أي إشكالية شريطة ان تتخذ منهجا ووسيلة وغاية ونية وليس شعارا 
فقط ..
كيف أسس الامام دولته العظيمة قبل الف واربعمائة سنة .. فلنقرأ ما أوصى به مالك الاشتر عامله على مصر:
 
1 - اُنْظُرْ فِي أُمُورِ عُمَّالِكَ فَاسْتَعْمِلْهُمُ اِخْتِيَاراً اِخْتِبَاراً وَ لاَ تُوَلِّهِمْ مُحَابَاةً وَ أَثَرَةً فَإِنَّهُمَا مِنْ شُعَبِ اَلْجَوْرِ وَ اَلْخِيَانَةِ .
2 - تَوَخَّ مِنْهُمْ أَهْلَ اَلتَّجْرِبَةِ وَ اَلْحَيَاءِ مِنْ أَهْلِ اَلْبُيُوتَاتِ اَلصَّالِحَةِ وَ اَلْقَدَمِ فِي اَلْإِسْلاَمِ اَلْمُتَقَدِّمَةِ .
3 - تَحَفَّظْ مِنَ اَلْأَعْوَانِ .
4 - تذكر إِنَّ عَمَلَكَ لَيْسَ لَكَ بِطُعْمَةٍ وَ لَكِنَّهُ فِي عُنُقِكَ أَمَانَةٌ .
5 - ليس لَكَ أَنْ تتصرف فِي رَعِيَّةٍ وَ لاَ تُخَاطِرَ إِلاَّ بِوَثِيقَةٍ.
6 - ثم يحذره قائلا : ( إِنِّي أُقْسِمُ بِاللَّهِ قَسَماً صَادِقاً لَئِنْ بَلَغَنِي أَنَّكَ خُنْتَ شَيْئاً صَغِيراً أَوْ كَبِيراً لَأَشُدَّنَّ عَلَيْكَ شَدَّةً لم
 تعهدها) .
في مقطع من عمق التاريخ الإصلاحي سأل امبراطور الصين مستشاره الخاص قائلاً: "ما قولك في قتل من لا مبدأ لهم ولا ضمير من اجل اصلاح
 الامة ؟
فأجاب الفيلسوف كنفوشيوس: ( وما حاجتك إلى القتل في قيامك بأعباء الحكم؟ لتكن نيتك الصريحة البينة فعل الخير ، فيكون الناس أخياراً. 
إن العلاقة القائمة بين الأعلى والأدنى شبيهة بالعلاقة بين الريح والكلأ ، فالكلأ يميل إذا هبت عليه الريح ، وإذا كانت القدوة الحسنة أولى وسائل الحكم ، فإن حسن الاختيار للمناصب وسيلته الثانية: "استمل الصالحين المستقيمين ، وانبذ المعوجين ، وبهذه الطريقة
 يستقيم المعوج) .