فوضى ..أم ظاهرة أزمة..؟!

آراء 2019/04/27
...


  زهير الجبوري 
مرت سنوات عديدة تجاوزت العقد ونصف العقد على الاحتلال الامريكي للعراق في العام 2003، وهي مرحلة تاريخية حساسة شهدت أزمات كبيرة على الصعد كافة ، سيذكرها التاريخ وتذكرها المصادر بتروِ كبير ، لكننا في زمن العولمة وزمن المعلومة الجاهزة 
 حيث تصبح الاشياء عرضة للكشف ، بل عرضة للتفاصيل التي تحتويها كل ازمة ، واذا ما اخذنا بنظر الاعتبار حقيقة ما تقوم به العولمة من تحولات جوهرية في جعل العالم لعبة اقتصادية (رأس مالية) مع وجود صراعات مناطقية ، فان ذلك يعود الى قراءة فكر الانسان من زاوية المتعة او من زاوية الرغبة ، مهما كان اصحاب الرغبة ومهما كانت انتماءاتهم وهويتهم وديانتهم وممارساتهم ، ولكن ما يفرق بيننا وبين الآخر الذي يعيش خارج نطاق الفوضى (ان لم نقل تجاوزها ، وأعني أغلب دول العالم الاول)، هو ظاهرة الأزمة ، والأزمة بكل اختصاراتها تعبر عن (موقف وحالة يواجهها متخذ القرار في احد الكيانات الادارية ـ دولة ، مؤسسة ، مشروع ـ أسرة) تتلاحق فيها الاحداث وتتشابك معها الاسباب بالنتائج ، ويفقد معها متخذ القرار قدرته على السيطرة عليها او على اتجاهاتها المستقبلية .ـ بحسب الكاتب السعودي: مشعان الشاطري ـ عن مقالته : 
مفهوم الأزمة .
ما يخصنا في قراءة الواقع ، عبر نوافذ عديدة معاشة او عيانية ترادفها قراءة تنظيرية من قبل اصحاب الاختصاص، هو اننا نمسك بالازمة بوصفها ظاهرة خلقتها عوامل مفروضة ومكشوفة ، فكل المجالات الاجتماعية والسياسية والبيئية تعاني الأزمة في هذا البلد الذي نريده مستقرا ، فهل هي معبرة عن صراعات ديالكتيكية محتدمة ، أم هناك جذور خفية لتحريكها ..؟.. فالمسألة لا تحتمل التفكير.. ولم يكن الشعب (في أغلب طبقاته الواعية) سوى شعلة من الانتفاضات والاحتجاجات المكرورة بغية الوصول الى النتيجة المخلصة لكل هذه الفوضى .. لهذا، نهضت اجيال وهي تعيش في تشتت واضح في لا مركزية الثبات على مواقف تنتمي الى العرق والبيئة ،أسهمت في ذلك فوضى الشارع وانتهاك حقوق الانسان في حرية العيش بدون قيود ، وما الى ذلك من نتائج معروفة .. 
ولم تكن الفوضى سوى خلخلة النظام وكسر ثباته ، او بحسب ما جاء في معجم الوسيط (الفوضى : اختلاط واختلال النظام)، وبهذه المسألة لا بد من وقفة متأنية لقراءة كل الخروقات التي يعيش فيها انساننا العراقي الآن ، فوضى الشارع ، فوضى المؤسسة الحكومية ، فوضى منظمات المجتمع المدني ، فوضى الخروقات المستثمرة في انشاء المحال التجارية ، فوضى متابعة الأماكن الترفيهية وتناول الشباب مضرات التدخين (النراكيل/ المعسل)، فوضى اطفال الشوارع ، هذه العلامات الواضحة ان مرّ عليها زمن معين من دون معالجة ، تصبح ظاهرة ، او في الاحرى ظاهرة ازمة ، مع ان مجتمعنا العراقي من المجتمعات المحافظة من بين المجتمعات المجاورة ..
ومن خلال ذلك ، نأمل ان تخصص مؤتمرات واسعة لدراسة واقع المجتمع عن طريق اصحاب الشأن والاختصاص من علماء الاجتماع وعلماء النفس وعلماء البيئة ، وغيرهم ، لبناء بنية تحتية رصينة ، وهناك مجتمعات مرّت بفواجع كبرى من آثار الحروب قبل عقود كاليابان وألمانيا وكوريا ، سرعان ما أعادت كيانها وتكوينها من خلال تشخيص ومعالجة الأزمة ، وتسخير بعض العقول للتخطيط
 والتنفيذ ..
ولأن القرار بكل حيثياته بيد الدولة ومؤسساتها ، فان الفرصة آتية لمعالجة كل ما مشخص وما تتناوله الألسن عبر وسائل الاعلام او وسائل التواصل الاجتماعي ، ولعلنا نمسك بالأمل على قدر كبير من التمني لأن نعيش في وطن يعطينا احقية العيش على ارضه وفي اجوائه ..