قصائد الزمن الجميل

ثقافة شعبية 2023/07/13
...

كاظم غيلان

استغرب صاحبي حين عرف بأنني استمع لفيروز احيانا في عمق الليل، ففي يقينه أن أغنياتها من ممتلكات الصباح !!
اقنعته بأن لاوقت لفيروز فهي خارج احتكارات الوقت ومحدداته، فيروز تمتلك الأوقات كلها ، ولها ما ليس لسواها ، فهي أثير سماوي على حد وصف أدونيس .
في الشعر جاء أهل النقد ليوزعوا تجاربه على حقائب أطلقوا عليها ( الحقب) فتلك لأزمنة قديمة ، وهذه معاصرة، وراح البعض منا يعتقد حد اليقين بتوزيعات أهل النقد، الذين بأبمكانهم رسم خرائط لجبال العالم دون أن يستطيعوا تسلق مترا منها حسب ما رأه ارشيبالد مكلش في (الشعر
والتجربة). لو حشرت منشورات يوم كامل نعيشه الآن من قصائد التفعلية والنثر والهايكو والومضة و.....الخ من تسميات لما صمدت أمام رياح قصيدة قالها شاعرها في حقبة الجاهلية وليكن امرؤ القيس مثلا او ابو صخر الهذلي من الحقبة الأموية.
قد ينزعج البعض مما قلت، ولكن دعونا نتعرف على زمن جميل عاشه الشعر، دون سواه من الأزمنة المجاورة له والبعيدة عنه فأين ومن هو هذا الزمن ؟
لا أظن بأن ثمة مقياسا زمنيا للشعر، بقدر ماهو هناك من استمرار قصيدة في حياتها وموت أخرى. لنستدعي تجربتنا العراقية كمثال على أكذوبة ما أوهمنا بها أهل النقد الصحفي الذين اصدعوا رؤوسنا بمصطلحاتهم وما غلفها من اجترار ممل ورطانة مقرفة ولنسألهم:
ما الذي بقي من شعر تغنى بسلطة وقائدها على مدى خمسة وثلاثين عاما ؟ أين هو في الذاكرة ؟ قبل أن أقول أين اضيق حيز في وجودنا اليوم ؟ما الذي يقوله أهل النقد اذا ما أفرغنا الحقائب ولن يجدوا شيئا ؟ واعني شعرا؟
ان كان هنالك ثمة الزمن الجميل الذي عاشه الشعر فأين هو القبيح ؟
القصائد تتناقلها الأجيال في ذاكرة يقظة لايشغلها سوى الجمال، هي قصائد كل الأزمنة لأنها سجلت وقائع الجمال التي انبثقت من إيمان شعرائها بقيم الوجود الذي تستحقه البشرية، الشعر هو الذي يخلق أزمنته، مثلما يخلق ازماته وانعطافاته وثوراته وهو الكفيل بابقاء حياة من يريد في الخلق والتجدد والابتكار . الشعرلا المنتديات والمؤسسات، هو الذي يخلق مايريد ويزيل ما لايستحق .
ولذا فعلينا أن نظل في يقين راسخ بأن فيروز تمتلك الأزمنة كلها .