كيف تستقر الأسعار؟

اقتصادية 2023/07/16
...

ياسر المتولي

في وضع كالذي يمر به الاقتصاد العراقي من تشوهات بنيوية جراء انعدام فاعلية القطاعات الإنتاجية في الصناعة والزراعة واعتماده على النفط مصدراً واحداً، فإن موضوعة السيطرة على الأسعار تبدو غاية في الصعوبة، أو كما يبدو للبعض، لا يمكن السيطرة عليها.
ومن المفيد هنا التركيز على السلع الاستهلاكية الضرورية وخاصة الغذائية، التي تؤثر أسعارها في الفئات الأكثر فقراً والهشة ولا نستثني الطبقة الوسطى من تأثيراتها الجانبية عند قياس نسب الرفاهية في بلد ما.
ومع أن نظام البطاقة التموينية التي جرى تحسين مفرداتها نوعا ما، بتوجيه رئيس الحكومة، إلا أنها ما زالت يشوبها الغموض في شمولها لأعداد ليست بالقليلة من غير مستحقيها من الفئات المستهدفة وهذا ما يستدعي استبعاد الذين لا تنطبق عليهم الشروط.
وهنا من المستغرب أن وزارة التجارة وهي سيادية وتتمتع بتخصيصات كبيرة من الموازنة العامة، غير قادرة على الوصول إلى استقرار أسعار المواد الغذائية وحتى الاستهلاكية الأخرى قياساً بحجم التخصيصات.
والحل ببساطة يتلخص بتدخل دولة رئيس الوزراء بإعادة نظام الجمعيات التعاونية الاستهلاكية وفق أسس وآليات حديثة معتمدة في دول متقدمة عبر نظام تخصيص البطاقات الملونة بحسب مستويات المعيشة لتشمل الفئات الهشة والطبقات الوسطى وبذلك يمكن السيطرة على الأسعار.
أعتقد بأن للجمعيات التعاونية جدوى اقتصادية مهمة، منها تشغيل أياد عاطلة عن العمل، وثانياً تخصيص أسهم  للعاملين في الجمعيات التعاونية لتقاسم الأرباح، وبذلك تتحقق الرفاهية لهذه الفئات، ولكي تبقى البطاقة التموينية حصراً للطبقات الأكثر فقراً والعاجزة عن العمل.
إن وزارة التجارة تمتلك بنى تحتية جاهزة لتحقيق هذه الجدوى الاقتصادية في معالجة موضوعة استقرار الأسعار لامتلاكها أضخم مجمعات هي الأسواق المركزية المنتشرة في عموم العراق والتي باتت عرضة إلى الاستثمار المشبوه وعديم الجدوى.
كما أنها، أي الوزارة، المستورد الأكبر بالنسبة لأغلب البضائع والسلع الاستهلاكية وفقاً لتخصيصات استيراداتها.
وببساطة فإن عملية استقرار أسعار المواد الغذائية والاستهلاكية ممكنة إذا تمكنت الحكومة من إعادة  إحياء الجمعيات التعاونية الاستهلاكية على هيئة شركات تعاونية خاصة رأسمالها أسهم للعاملين فيها وليسوا موظفي دولة، وتكون السلع من قبل الدولة معتدلة الأسعار وبذلك تكسر احتكار تجارة السلع الغذائية بخلق التنافس مع السلع التجارية.
وبذلك فإن المضاربين في أسعار الصرف سيفقدون واحداً من أهم مبررات تذبذب أسعار الصرف بحجج  الاستيرادات الواسعة للسلع الغذائية .
وفي حال سيطرة الدولة على أسعار المواد الاستهلاكية الضرورية فإن سعر الصرف سيتحدد وينحسر التذبذب فيتوازن السعر الرسمي مع السعر الموازي، أي أن الجمعيات التعاونية تكون سبباً في التخفيف من حدة المنافسة بين السعرين وتحقيق استقرار الأسعار.