نداءات الباعة لشفيق مهدي

ثقافة شعبية 2019/04/28
...

باسم عبد الحميد حمودي
 
تعد موسوعة (نداءات الباعة وأصحاب الحرف) للباحث الكبير الدكتور شفيق مهدي أوسع عمل في البحث الميداني في العراق عرفه ميدان الثقافة الشعبية العراقية. صدرت هذه الموسوعة في 796 صفحة من القطع الكبير عن مطبعة (معين) ببغداد عام 2017, وحوت على ثلاثة ابواب رئيسة ولكل باب فصوله الواسعة الفريدة في تفاصيلها التي جمعت كل النداءات الاساسية لكل المهن.
يقول الدكتور مهدي (أحببت هذه النداءات حبّا كبيرا وخوفا عليها من النسيان تماما حاولت أن ألم شتاتها المتناثرة هنا وهناك، فضلا عما حفظته من الذاكرة., حبا لتراثنا الشعبي الأصيل).
لم يترك الباحث نداء لبائع إلّا وحفظه لنا لباعة الحمضيات والتفاح والتمر والتين واالخوخ والعنب والعنجاص والموز والكشمش, ولباعة الفواكه الاخرى والملابس والاغذية المتنوعة والشرابت والوجبات السريعة وسائر الباعة مما لايترك مجالا لأحد سوى الاستمتاع بالنداءات والامعان بتفاصيلها الغريبة الشجيّة.
كان الفصل السادس من الباب الاول من الكتاب  بعنوان (الوجبات الرئيسية) رصد الباحث فيه –على سبيل المثال– نداءات الباعة لطعام الفطور والغذاء والعشاء ولباعة اللبلبي والباقلاء والشلغم والحلوايات, لكن الباحث خصص مبحثا لنداءات الباعة عن أطعمة (بين الوجبات) وهو امر طريف يغري بالتأمّل اذ رصد الباحث نداءات باعة الاطعمة الخفيفة التي تسمى “تمتوعة”  ومنه:
- اللوبية الخضراء المسلوقة فيصيح البائع
- لوبية خضرة .. لوبية مسلوكة
- مال الشواطي لوبية
- لوبية تازة.. صمون حار
وفي الموصل كان باعة اللوبية من اليهود المتجولين وهو ينادون
- خضغة.. تازة اللوبيه
وفي الكوت
- مال الشواطي لوبية طيبة
ومن الاطعمة بين الوجبات أكلة الأبيض بيض, التي يتوسع الدكتور شفيق في شرح تفاصيلها مستعينا بمصادر مهمة للحنفي وعزيز الحجية والشالجي.
يقول المؤلف ايضا (ص531) أن مسابقة المطبخ العالمي التي أشرفت عليها الأمم المتحدة عام 1978 انتهت بإعلان فوز المطبخ العراقي بالمرتبة الأولى بين مطابخ العالم  لتنوع مواده وثرائها.
والحق ان عرضا سريعا كهذا لا يفي لهذه الموسوعة الحافلة حقها وهي التي لا تجمع نداءات الباعة فقط بل الوصفات الخاصة بالاطعمة المختلفة وتاريخها الشعبي واماكن ظهورها واختلاف النداءات من بيئة شعبية الى اخرى.
إنّ آلاف النداءات التي وثقها المؤلف في موسوعته الثمينة هذه تعد جزءا حيويا من الذاكرة الشعبية للطعام العراقي وتفاصيله الثرية, وهو كتاب يستحق الاعجاب والاشادة بوصفه مرجعا مهما لايستغنى عنه في المكتبة الشعبية العراقية.