دواء ضغط الدم يُعالج باركنسون والشلل الرعاش والخرف

من القضاء 2019/04/28
...

ترجمة: نادية المختار 
 
 
أظهر دواء لعلاج ارتفاع ضغط الدم وعدا مبشرا بمعالجة حالات مرضية مزمنة مثل باركنسون وهنتنغتون وأشكال من الخرف، وذلك في دراسات قام بها علماء وباحثون من جامعة كامبريدج، المملكة المتحدة، أجريت على الفئران. 
من السمات الشائعة لهذه الأمراض المعروفة مجتمعة باسم الأمراض التنكسية العصبية، حدوث تراكم البروتينات بشكل خاطئ. وهذه البروتينات، مثل المنغنيز المعدني (القصدير) في مرض هنتنغتون وآخر يسمى بروتين التاو الذي يتشّكل في بعض حالات الخرف، يكونان “مجاميع” يمكن أن تسبب أضرارا لا رجعة فيها للخلايا العصبية في الدماغ. 
في الأفراد الأصحاء، يستخدم الجسم آليّة لمنع تراكم هذه المواد السامة. وتعرف هذه الآليّة باسم الالتهام الذاتي أو”الأكل الذاتي” وتتضمن خلايا شبيهة بدمى الــ “بوكومون” اذ تتناول المواد وتعمل على تحطيمها. ومع ذلك، فإنّ في الأمراض التنكسية العصبية، تكون هذه الآلية ضعيفة وغير قادرة على ازالة البروتينات التي تتراكم في الدماغ. 
ومع تقدم عمر السكان في مختلف أرجاء العالم، تم تشخيص أعداد متزايدة من الناس بأمراض التنكس العصبي، مما يجعل البحث عن أدوية فعّالة أكثر إلحاحا. 
ومع ذلك، لا يوجد حاليا أية أدوية يمكن أن تحفز البلعمة الذاتية بشكل فعّال في المرضى. ففضلا عن البحث عن عقاقير جديدة، فإن العلماء يبحثون غالبا عن إعادة صياغة الأدوية الموجودة. وهذه لديها ميزة أثبت بالفعل أنّها آمنة للاستخدام في البشر. 
فاذا أمكن اثبات أنّها فعّالة ضد الأمراض المستهدفة، فإن الرحلة الى الاستخدام السريري تكون أسرع بكثير. 
وأظهر العلماء في معهد أبحاث العته والخرف في المملكة المتحدة، ومعهد كامبريدج للأبحاث الطبية، أجريت على فئران مختبرية، أن العقار المعروف باسم الفلوديبين لعلاج حالات ارتفاع ضغط الدم، قد يكون مرشحا لاعادة الاستهداف.   
وألمحت الدراسات الوبائية بالفعل، الى وجود صلة محتملة بين الدواء وتقليل مخاطر الاصابة بمرض الشلل الرعاش، ولكن الآن، أظهر الباحثون، أنه قد يكون قادرا على حث الالتهام الذاتي في العديد من الحالات التنكسية العصبية. 
استخدم الفريق البحثي برئاسة البروفسور ديفيد روبنزشتاين، الفئران المختبرية التي تم تعديلها وراثيا للتعبير عن الطفرات التي تسبب مرض هنتنغتون أو شكل من أشكال مرض الشلل الرعاش الذي يشكّل نموذجا من أشكال الخرف. وتعد الفئران نموذجا مفيدا لدراسة الأمراض التي تصيب الانسان، حيث أن فترة حياتها القصيرة ومعدل تكاثرها السريع يجعل من الممكن استكشاف العمليات البيولوجية في العديد من مناطق الجسم. كما ان تركيبها البيولوجي وعلم وظائف الأعضاء الخاصة بها، فيها عدد من الخصائص المهمة المشتركة مع تلك الخاصة بالبشر بما في ذلك مماثلة الجهاز العصبي.  
وقد وجد الباحثون، ان عقار الفيلوديبين، قد يكون مرشحا فعالا في اعادة تحديد الأهداف، والحد من تراكمها في الفئران من خلال طفرات مرض هنتنغتون وباركنسون وفي نموذج العته. كما أظهرت الحيوانات المعالجة علامات أقل للأمراض. 
وغالبا ما تستخدم الدراسات التي أجريت على الفئران جرعات أعلى بكثير من تلك التي يعرف أنها آمنة للاستخدام في البشر. وأظهر روبنزشتاين وفريقه، أنه في الفئران الشلل الرعاش أنه من الممكن اظهار آثار مفيدة حتى في تركيزات مماثلة لتلك التي يتحملها البشر. وفعلوا ذلك بالتحكم في التركيزات باستخدام مضخة صغيرة تحت جلد الفأرة.
 يقول روبنزشتاين: “هذه هي المرة الأولى التي ندرك فيها أن احدى الدراسات قد أظهرت أن الدواء المعتمد يمكن أن يبطئ تراكم البروتينات الضارة في أدمغة الفئران، باستخدام جرعات تهدف الى محاكاة تركيز الدواء الذي شوهد في البشر. ونتيجة لذلك، كان الدواء قادرا على ابطاء تقدم هذه الحالات المدمرة المحتملة، ومن ثم نعتقد أنه يجب تجربته على المرضى، وهذه ليست سوى المرحلة الأولى. وعلى الرغم من ذلك، يتعين علينا اختبار الدواء في المرضى لمعرفة ما اذا كان له نفس التأثير على البشر كما في الفئران. كما يجب أن نكون حذرين، لكن بالامكان أن نتفاءل بالأمر بحذر”. 
 
صلة التعرض للمعادن 
وأعراض الشلل الرعاش
تصف دراسة جديدة العملية البيولوجية التي تسبب ظهور أعراض شبيهة بالباركنسون بعد التعرض للمنغنيز المعدني. ويمكن أن يؤدي البحث الجديد الى اكتشاف مبكر لمرض الشلل الرعاش، وتحقيق نتائج أفضل للمرضى. 
وكشفت الدراسة التي أجراها باحثون في مجال الطب الحيوي، بجامعة أيوا الاميركية، عن العمليات البيولوجية التي يمكن أن يسهم بها التعرض لبعض المعادن في ظهور أعراض شبيهة بالشلل الرعاش. وتركز الدراسة على المنغنيز المعدني والذي يحتوي على مجموعة من الاستخدامات الصناعية كسبائك. 
يقول البروفسور أنومانثا كانثاسامي، الأستاذ في كلية الطب البيطري، ورئيس قسم علم السموم العصبية في جامعة يوجين :”يفصّل البحث كيف يمكن أن يؤدي تعاطي المنغنيز الى بروتينات غير كفوءة في الدماغ تسبب مرضا عصبيا. كما ان النتائج قد تؤدي الى الكشف المبكر عن المرض ونتائج أفضل للمرضى. ووجود كميات صغيرة من المنغنيز ضروري لحسن أداء الجسم البشري، لكن التعرض المفرط مرتبط بأعراض عصبية مثل تلك التي يعاني منها مرضى الشلل الرعاش. وأن الروابط بين المنغنيز والاضطرابات العصبية لوحظت منذ خمسينيات القرن الماضي، بسبب ميل المنغنيز الى التراكم في أنسجة المخ.”
 
عن ساينس ديلي