رائحة القداح .. ستصبح من الذكريات

آراء 2019/04/28
...

لمياء نعمان 
 
يمر الربيع هذا العام من دون أن نشم رائحة القداح في ارجائنا ومناطقنا وشوارعنا وبيوتنا ,,فكل الحدائق أصبحت صغيرة ومقفرة ولا يُزرع فيها سوى بعض النباتات والأزهار والورود الموسمية ...
ولا تنتشر أشجار الحمضيات كالسابق كما كانت تتصدر حدائق البيوت لتعبق الأمكنة برائحة زكية تظل عالقة في الذهن , ويبدو أننا سنشم رائحة القداح فقط في بعض القرى والمدن المشهورة ببساتين زراعة الحمضيات من برتقال وليمون ورارنج ولالنكي ..حدائق البيوت الكبيرة أنحسرت واندثرت وُطُمرت لتبنى بدلا عنها بيوت صغيرة لا تتجاوز مساحتها ( 50 / 60 م ) وأصبحت بمثابة قيصريات تحتوي على ( 10 / 12 بيتا ) وكلها مساكن خانقة  تفتقد للحديقة المنزلية , وعادة ما يتم بناؤها بالبلوك والثرمستون والسمنت والبناء المسلح وهذه المواد ترفع من درجة حرارة البيوت ولا فسحة للاستمتاع برائحة العشب والماء والشجر ونخاف أن تكون أشجارنا وروائحها الطيبة ومنظرها الجميل من ذكريات الماضي .
في اقليم كردستان تجبر الحكومة المساكن على زراعة 3 أشجار أمام كل بيت لغرض تلطيف الجو وجمال المنظر وتتم زراعة مساحات وخاصة تحت الجسور وغيرها  بعشب أخضر زاه بلونه وهذا ما يجعل المشهد جميلا ..
وفي مدن أوروبية وآسيوية مثل اليونان واسبانيا ،ايطاليا  ،الصين واليابان تستغل مساحات الأزقة وبيوتها وشوارعها وحتى سطوح المباني والبالكونات بزراعة العشب ووضع مزهريات تعبق منها عطور  أنواع الزهور والرياحين والنباتات الملونة وهذا ما يعطي منظرا خلابا يسُر الناظرين ومن شأنه تغيير مزاج الناس والمارة أضافه الى تزويد الجو بالأوكسجين لتكثر الفراشات الجميلة والنحل  اللذان  يتجولان ما بين الزهور والحدائق ،وكل هذا سيدخل السرور والفرح والمتعه على القلوب   ...
وما يؤلمنا هنا في بغداد أننا نشهد مساحات تحت الجسور وأمام المحال والمقاهي والمطاعم المطلة على الشوارع أضافة الى ملاعب الصغار والشباب مكسوة بأفرشة خضراء من النايلون على اساس أنها عشب لكنها لا تفي بالغرض الجمالي بل بالعكس تزيد الطين بلة .فالأوساخ والورق والنفايات تتطاير وتلتصق بها مما يجعلها مكبا للأزبال .ونخاف أن تفتقد الأجيال  الجديدة  في السنوات القادمة لمعنى زراعة الأشجار وكثرة الحدائق ورائحة الزهور والقداح وبشكل نهائي وربما لانرى الأشجار واقفة يستظل الناس بظلها ويحتمون بها ويفرحوا بمنظرها، وهذا ما يؤلم حقا ..
دعونا لا نقلل من مساحات البيوت وحدائقها رغم حاجة أصحابها للبيع أو لغرض تسكين أولادهم المتزوجين... وهي دعوة للحكومة والتي وعدت المواطنين بتوزيع أراض سكنية لتخليصهم من أزمة السكن لكن القرار لم ير النورلكثرة الاعتراضات والتعليلات بسبب  عدم أمكانية تقديم الخدمات وأيصالها للمناطق السكنية الجديدة. على حد قول أحدهم .ولم توزع الأراضي.. وهذاسيجعلنا نفتقد  ونتحسر على البيوتات القديمة وحدائقها والتي كانت تضيف الجمال بأشجارها الباسقة والمتمايلة بثمارها.... دعونا نتنفس الصعداء نتنفس أشجارنا وزهورنا وحدائقنا ونفترش العشب ونستمتع بضحكات الأطفال والنسوة والضيوف.. فبغداد أزدحمت بسكانها وضاقت ذرعابنا.. دعونا نشم روائح 
أشجارنا الجميلة...